احمد ذيبان : «البلدوزر» الذي أسقط امرأتين
كانت مصادفة لافتة أن ينافس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سيدتين، في المرتين اللتين نجح فيهما، المرة الأولى كانت عام 2016 حيث نافسته حينذاك، المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، والمرة الثانية في الانتخابات الأخيرة التي أجريت يوم الثلاثاء الماضي 5 نوفمبر- تشرين الثاني، حيث نافسته المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وقد فاز عليهما في المرتين! وبذلك يمكن وصفه بـ"البلدوزر» وهو بالفعل صاحب قرار، فمثلا لم يسبقه رئيس أميركي في الاجتماع برئيس كوريا الشمالية خلال ولايته الأولى!
الحديث عن فوزه على هيلاري أصبح من الماضي، لكن الحدث الطازج ما يتعلق بفوزه الكاسح على كامالا هاريس، وهو أمر يستحق القراءة الهادئة بعد أن انتهت الحملة الانتخابية، واعترفت هاريس بهزيمتها واتصلت بالرئيس ترامب لتهنئته، كما اعترف بهزيمة الديمقراطيين الرئيس بايدن.
فوز ترامب هذه المرة لم يكن عاديا، بل كاسحا لكون الحزب الجمهوري الذي يتزعمه سيطر أيضا على مجلسي الكونغرس «النواب والشيوخ»، وهو من الحالات القليلة التي تحدث في انتخابات أميركية، الأمر الذي يوفر للرئيس ترامب سهولة في اتخاذ القرارات بدون عرقة من الكونغرس، ومن هنا يمكن التكهن بأن السياسة الدولية خلال السنوات الأربع المقبلة سوف تسير بتوقيت ساعة ترامب! فهو ليس رئيس أميركا فقط بل يمكن القول بأنه أهم رئيس في العالم، نظرا للنفوذ الهائل للسياسة الأميركية على مستوى العالم، وهي أهم قوة عسكرية أيضا، ومهما قيل عن محاولات وجود أقطاب أخرى تحاول منافسة الولايات المتحدة، فانها لا تزال واقعيا بعيدة عن تحقيق هذا الهدف!
أما لماذا فشلت هاريس في منافسة ترامب فالأمر بسيط جدا، فذلك يعود أولا الى حالة الارباك التي أصابت الحزب الديمقراطي، بعد المناظرة الأولى التي جرت بين ترامب وبايدن، قبل أن يتراجع الأخير عن الترشح بسبب الضغوط، التي تعرض لها من حزبه اثر فشله في مناظرة ترامب، واختار بايدن نائبته هاريس للترشح بدلا عنه، ثم أن مؤتمر الحزب الجمهوري اكتفى بالمصادقة على ترشيح هاريس دون أن تجرى انتخابات داخلية لانتخاب مرشح للحزب!
ويقال الكثير من التعليقات حول عدم توافر الخبرة الكافية، لدى هاريس في السياسة الدولية وضعف شخصيتها، وبالاضافة الى ذلك أعتقد أن ثمة سبباً جوهرياً ساهم في فشلها، وهو أنه في تاريخ الانتخابات الأميركية حدثت مرة واحدة–وقد لا تتكرر-، أن وصل الى البيت الأبيض رئيس ملون من أصول أفريقية، وهو باراك أوباما الذي حكم أميركا لمدة ثماني سنوات «ولايتين» متتابعتين بين عامي 2008 و2016. وربما كان انتخاب ترامب بعده ردة فعل على ذلك!
صحيح أن جميع الأميركيين متساوون أمام القانون، بغض النظر عن أصولهم ومن أي بلاد هاجروا الى الولايات المتحدة، لكن لا يمكن تجاهل وجود نظرة عنصرية بين البيض والملونين، لدى شريحة واسعة منهم تعكس بعض مظاهرها، عمليات الجريمة المنتشرة في هذه البلاد التي تعتبر» أكبر مستوطنة في التاريخ»، حيث جميع سكانها من المهاجرين بعد أن قام الأوروبيون الذين أسسوا أميركا، بابادة «الهنود الحمر» سكان البلاد الأصليين!
ومن هنا قد يكون أحد أسباب فشل كامالا هاريس «السمراء»، وهي من أصول هندية أمام ترامب «الأبيض». لكن المهم أن العالم الآن يترقب كيف ستكون سياسة ادارة ترامب الجديدة، بعد أن يدخل البيت الأبيض في شهر يناير – كانون الثاني المقبل، والمؤكد أنها ستختلف عن ادارة بايدن، لكن الثابت الوحيد في السياسة الأميركية، هو دعم اسرائيل بكل ما تلحقه من ظلم، وترتكبه من حرب ابادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني. ــ الراي
Theban100@gmail.com