عصام قضماني : السيولة المعطلة!
بلغ إجمالي الودائع في نهاية النصف الأول من العام الحالي 40.91 مليار دينار اما حجم القروض والتسهيلات التي منحها الجهاز المصرفي في النصف الأول فبلغت 34 مليار دينار.
للوهلة الاولى يسود اعتقاد بان الفرق بين حجم الودائع وحجم التسهيلات هي اموال جامدة تحتفظ بها البنوك ولا تدورها في السوق وهو اعتقاد خاطيء.
المليارات من الدنانير المقصودة هي ليست سيولة معطلة يطلبها السوق وتمسك بها البنوك هي اموال تودعها البنوك لدى البنك المركزي ويسميها سـيولة فائضة، أي زائـدة عن الاحتياطـي النقدي الإلزامي. وهي ما يسميها البعض بالسيولة المعطلة، التي يجب توظيفهـا كسيولة يحتاجها السوق.
هذه ليست سيولة معطلة يمكن توظيفها فالبنوك تعتمد في مواردها على الودائع بأشكالها تحت الطلب ولأجل وتوفير، وكلها قابلة للسحب حسب رغبة صاحبها، وعلى البنوك أن يحتفظ باستمرار بسيولة جاهزة لتلبية طلب المودعين من جهة، ولتقديم قروض جديدة لعملائها من جهة أخرى، وهذه سيولة لها وظيفة حيوية وليست معطلة.
ليس في مصلحة البنوك ان تضحي بما يسـمى بالسيولة الفائضة بحيث لا يبقـى لدى البنك سـيولة لإعادة الودائع التي تحت الطلب، أو أن يلبي طلباً جديداً للاقتراض والحصافة المصرفية توجب على البنوك أن لا توظف سيولتها بالكامل وان تحتفظ بسيولة جاهزة تحت الطلب لمواجهة جميع الاحتمالات.
اذا كان هناك من يبحث عن سيولة معطلة حتى لو لم تكن تناهز ما تحتفظ به البنوك كفوائض يتعين عليه ان يبحث في تفاصيل اخرى من شانها ان تفرج عن سيولة موجودة واخرى معطلة تمتلكها الشركات والافراد لكنهم لا يستطيعون التصرف بها.
قبل اسبوعين قررت الحكومة اعفاء قضايا جمركية من غرامات ومنحت فرصا كبيرة لاجراء تسويات الغرض منها الافراج عن اموال تقع تحت قيود الحجز التحفظي الى حين انتهاء هذه القضايا التي يستغرق فكها وقتا طويلا.
لا اعرف على نحو دقيق حجم هذه الاموال لكنها بالملايين ومع انتهاء دورة التسويات فان هذه السيولة المعطلة سيتم ضخها في السوق.
مثل هذه الاجراءات التي يحتاجها السوق والتجار والصناعيين وحتى الافراد هي شكل من تشكل فك سيولة معطلة تقع في دائرة الحجز وهي ايضا شكل من اشكل توليد سيولة لم تكن تخط على البال.
نشجع مثل هذه الاجراءات لتشمل كثير من المطالبات المالية لمصلحة دوائر حكومية مثل الضريبة والاموال الاميرية والضمان وغيرها من المؤسسات التي تمتلك صلاحيات الحجز والتغريم.
من شأن هذه الاجراءات ان تفرج عن سيولة تذهب بعض التقديرات الى ان قيمتها تتجاوز ٢٠٠ مليون دينار واكثر.
كنت بدأت في مقدمة هذا المقال بعقد مقارنة بين ما يسمى بالسيولة المعطلة لدى البنوك وهي ليست كذلك اذ ليس من مصلحة البنوك الاحتفاظ باموال تتحمل تكلفتها اذا وجدت مشاريع ومقترضين مؤهلين وبذات القدر ليس من مصلحة الاقتصاد استمرار تعطيل سيولة موجودة لكنها معطلة بموجب قضايا يطول فيها التقاضي اذا كان بالامكان تحريكها باجراءات ادارية واعفاءات لا تنطوي على تكلفة كبيرة في مقابل فوائد اكبر. ــ الراي
qadmaniisam@yahoo.com