الأخبار

رمزي الغزوي : النيابة مشروع شخصي!

رمزي الغزوي : النيابة مشروع شخصي!
أخبارنا :  

من يعاين التشقّقات والشروخ التي تخلفها الانتخابات في نفس مجمتعنا، سواء كانت البلدية أو النيابية أو اللا مركزية، أو حتى انتخابات النقابات والأسر الصّفية، من يراها ويدقق فيها، لا بدَّ ويتمنّى لو أنّها جمعت كلها في يوم واحد، وأجريت في كلّ ثمان سنوات مرة، لكان هذا أفضل وأريح وأسلم. فعلى الأقل سيمنحنا هذا الفاصل الزمني الفرصة لأن تبرأ الجراحات وتطيب النفوس وتهدأ وتنسى.

فمع الأسف نحن ما أن نخلص من الانتخابات البرلمانية، ونبدأ بلعق جراحنا وبلسمتها، على أمل الشفاء والنماء؛ حتى تاتي الانتخابات البلدية؛ فتهيجها من جديد، وتنكئها وتدميها، وتزرع بجوار ندوبها جراحاً أخرى تبقى مفتوحة لكل التهاب.

باعتقادي أنّنا نتغير كأفراد في موقعين اثنين. نتغير كلياً وتماماً وكأننا لسنا نحن: خلف مقود السيارة، إذ نغدو عصبيين نقاتل ذباب أنوفنا، ونقود بنرفزة حامية مستطيرة. والموقع الثاني في الانتخابات وأجوائها وطقوسها. وهنا ننسى ما تعلمناه، وما نادينا به من دعوات نحو مجتمع مدني متحضر أساسه الحق والعدل، وننسى أن ميزان الخيرية يجب أن يقام على القدرة على الأداء الأفضل. ننسى هذا بلمحة بصر ونرتد إلى تعصبنا الأعمى لمرشح عائلتنا أو منطقتنا مع استعدادنا لنقاتل من أجل هذا بكل منصاتنا القتالية.

الكثير ممن كنا نتوقع منهم أن يكونوا مصدر إشعاع تنويري وإلهام لمجتمعهم وقدوة في توظيف ثقافتهم في جعل الانتخاب على أساس عقلي لا تعاطفي مبني على العرق أو القرابة أو المجاورة أو المناطقية. للأسف هؤلاء وجدناهم يتعصبون بشدة ويعودون بعقلية أكثر تعنتاً من عقلية أجدادنا أيام كان المقياس هو الكثرة في العدد لا غير.

والمراقب سيجد أن أكثر هؤلاء المتعنصرين هم ممن يؤمنون بأن النيابة مشروع شخصي، وأنه لا ضرورة أن يدخل الناس في صراعات محمومة تخلف الجراحات النفسية صعبة الشفاء؛ كي يفوز فلان أو علان. فكلهم يسعون إلى مصالحهم. والذي أطلق على الانتخابات مسمى «العرس» كان دقيقاً جداً، فهذا ينسجم مع مثل شعبي صادق: «العريس للعروس والجري للمنحوس».

ما زلنا ننظر إلى أي انتخابات بأنها هدف، وليست وسيلة أو أداة للإدارة والحكم الديمقراطي الرشيد. ولهذا ما أن نوصل نائبنا إلى المجلس، حتى ينتهي دورنا، فنبدأ بالهجوم والسخط عليه، وعلى مجلسه. وكأن الصراع لم يكن إلا في سبيل المكاسرة والمغالبة والفوز على الآخر وإقصائه. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك