الأخبار

اسماعيل الشريف يكتب : رسائل الأردنيين

اسماعيل الشريف يكتب : رسائل الأردنيين
أخبارنا :  

إسماعيل الشريف
«أريد منكم ألا تذكروني، ولكن اذكروا موقفي لعله يكون خالدًا ودافعًا لأبناء أمتنا العربية ولأبناء الأردن النشامى»، الشهيد البطل ماهر الجازي.
لفت انتباهي تصريح رئيس مستوطنات وادي الأردن في الكيان الصهيوني ديفيد لحيني بعد عملية الشهيد البطل ماهر الجازي، حيث قال: "في الأردن هناك سكان عرب يؤيدون حماس، وأصلهم من الضفة الغربية، ومن المؤسف أن مثل هذه الأحداث سترافقنا لسنوات، حتى نتخذ قرارًا بشأن الأهداف الاستراتيجية للدولة، لقد حان الوقت لبسط السيادة الإسرائيلية على وادي الأردن، فهذا هو الرد الصهيوني الصحيح على الأحداث الأخيرة، وسيردع أي شخص يعتزم القيام بمثل هذا العمل."
إن ادعاء رئيس قطعان المستوطنات عندما جرد الأردن من شعبه واصفًا إياهم بالعرب هو محض كذب وافتراء، يكشف عن أطماعهم الحقيقية وراء هذه التصريحات تجاه الأردن، فتاريخ هذا الكيان مليء بالكذب والتدليس، بدءًا من إنكار وجود الفلسطينيين، وانتهاءً بزعم أن أصلهم من الضفة الغربية، الحقيقة الثابتة هي أن الأردنيين، على اختلاف أصولهم ومنابتهم، يُجمعون على كراهية الصهاينة ودعم المقاومة.
أما البطل الذي نفذ العملية فهو سليل عشيرة الحويطات العريقة، ويمثل رمزًا لهذا الانتماء الأصيل لهذه العشيرة التي تمتد جذورها في عمق التاريخ، لتثبت زيف اتفاقية سايكس بيكو وتؤكد على وحدة النسيج الاجتماعي في المنطقة، إذ تتواجد العشيرة في الأردن وسيناء وشمال السعودية وجنوب فلسطين، فهي راسخة في المنطقة، وكانت مسؤولة عن حماية الحجاج في الدولة الطولونية بمصر قبل أكثر من ألف عام. الشهيد هو بطل يضاف إلى أبطال العشيرة الذين سطروا أجمل البطولات في الثورة العربية الكبرى وفي الدفاع عن الأردن ومحاربة الصهاينة. وأخيرًا، الشهيد كان أحد أفراد قواتنا المسلحة الباسلة، وفي ذلك رمزية مهمة.
أنظر إلى تصريح رئيس قطعان المستوطنين من ناحيتين: الأولى، أنه يكشف عن نوايا خبيثة وعن مخططات توسعية لاحتلال أرض عربية جديدة. والثانية، أن هذه العملية قد أوجعتهم، وما صاحبها من احتفالات الأردنيين أرسل رسائل مهمة جدًا للصهاينة والغرب؛ من بين هذه الرسائل أن لكل فعل رد فعل؛ فإزاء المجازر التي تحدث يوميًا في فلسطين، لن يصمت الأردنيون والعرب. كما أن المقاومة الفلسطينية المشروعة ضد الاحتلال تلقى دعمًا كبيرًا. وإذا فكروا في احتلال غور الأردن أو أي جزء من الأردن، فإن الأردنيين سيدافعون عنه بكل ما يملكون، فجيشنا العربي ما زال يحتفظ بعقيدته النقية العربية الإسلامية، ولم يتدخل في السياسة أو الأعمال، بطولاته ما زالت راسخة على أسوار القدس وفي معركة الكرامة، والشعب الأردني لن يقبل بالمحتل وسيواجهه بكل ما يملك، وإنه لا حل إلا بوقف حمام الدم الذي يجري في غزة، ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.
فالرسالة إذن هي: الويل لكم إذا فكرتم!
أثبتت احتفالات الأردنيين أن لدينا حرية تفوق بكثير تلك التي تدعيها الدول التي ترفع شعارات الحرية وحقوق الإنسان، فحرية التعبير الحقيقية لا تتطلب شعارات رنانة بل أفعالاً ملموسة، فقد عبّر الأردنيون عمّا يدور في أذهانهم دون أي تدخل من رجال الأمن، باستثناء حمايتهم، وكان من الممكن تفهّم الأمر لو منعت الأجهزة الأمنية مظاهر الاحتفال، في حين تمارس بعض دول الغرب القمع والعنف لتكميم أفواه المحتجين السلميين الذين يرفضون الإبادة الجارية في غزة.
لا يمكن قراءة هذا التصريح بمعزل عن خطة الصهاينة لاحتلال أراضٍ عربية، وصولاً لتحقيق حلمهم من النيل إلى الفرات. فنتنياهو يتمسك بمحور فيلادلفيا لتهجير الصهاينة إلى سيناء، وفي حال واجهت مصر هذا المشروع قد يحاولون مجددًا إعادة احتلال سيناء، إذ يعتبرون أن فقدانهم لها كان خطأً استراتيجيًّا. وعند ضم الضفة الغربية ومحاولة تهجير سكانها إلى الأردن، سيواجهون مقاومة لهذا المخطط، وستكون تلك المقاومة ذريعة للصهاينة لاحتلال مناطق من الأردن.
لن تقتصر أهداف الصهاينة على استهداف الأردن ومصر فحسب، بل تسعى "إسرائيل الكبرى" إلى التوسع لتشمل غالبية الأراضي السورية، وشمال السعودية، ونصف العراق. وإذا تُركت مصر والأردن لمواجهة هذا التهديد بمفردهم، فإن دور بقية الدول سيكون حتميًّا في المستقبل.
وإذا سولت لنتنياهو نفسه أن يمس سيادة الأردن، فسيواجه جيشًا عربيًّا جبارًا يقوده ملك شجاع، ويسانده شعب عظيم لا يقبل الظلم ولا يرضى بالهوان. جيش وشعب لا يهابون الموت، بل مستعدان للقتال حتى آخر قطرة من دمائهما، مؤمنين بأن طريقهما لا بد أن ينتهي إما بالنصر أو بالشهادة.
هذه رسالتنا، فهل استوعبتموها؟

مواضيع قد تهمك