الأخبار

د. محمد رسول الطراونة : إن غابت الصحة خابت التنمية

د. محمد رسول الطراونة : إن غابت الصحة خابت التنمية
أخبارنا :  

لا يختلف عاقلان على طبيعة العلاقة القائمة تاريخيا بين الصحة والتنمية، أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها علاقة طردية يغلب عليها المنفعة المتبادلة في كثير من الاحيان والبلدان فكل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر، فإن حسن حال الاول حتما سينتعش الثاني، وكل منهما بالنسبة إلى الآخر يشكل هدفاً ووسيلة ونتيجة وهذا ما أجمع عليه فقهاء التنمية وجهابذتها عالميا واقليميا ومحليا، فالهدف الاساسي للتنمية في أي بلد هو تمكين الإنسان من تحقيق ذاته وإنسانيته للوصول الى إشباع أكبر قدر ممكن من حاجاته الاساسية على اختلاف انواعها وفي مختلف مراحل حياته..

لذا لا بد من الاهتمام بالإنسان كوسيلة وهدف وبذل أقصى ما يمكن من جهد للحفاظ على صحته لا بل السعي باستمرار وبكل ما هو متاح من إمكانيات لرفع مستواه الصحي ليكون قادرا على العطاء والإنتاج للمساهمة في خطط التنمية والاندماج في الحياة العملية، أي نقله من موقع » الانسان المستهلك» الى فئة وموقع «المواطن المنتج» وهذا يندرج على كل القطاعات بلا استثناء خاصة القطاعات الخدمية والإنتاجية التي لا يمكن أن تنمو بدون قوى بشرية معافاة البدن وصحيحة العقل وهادئة النفس ومرتاحة البال، أي عمال أصحاء، ومن هنا تبرز أهمية توفير الرعاية الصحية ذات الجودة العالية للمواطنين لينعكس ذلك إيجابا على جميع محركات ومشغلات التنمية، وهذا يقودنا الى الوقوف عند إحدى المسلمات التي تستوجب النظر الى الصحة على أنها أحد المكونات التنموية المهمة التي تحدد كفاءة الإنسان وإنتاجيته، حيث تتفق آراء اصحاب الخبرة والاختصاص على أن توفير الرعاية الصحية للمواطنين من شأنه أن يمكنهم من تنمية قدراتهم البدنية والعقلية إلى أقصى حد يسمح لهم بأن يعيشوا حياة منتجة اقتصاديا واجتماعيا يؤدي بهم الى الانتماء الحقيقي والصادق وليس الانتماء القائم على الرعوية، لعلنا نصل الى نقطة تكون فيها الرعاية الصحية وخاصة الاولية منها المدخل الحقيقي للتنمية البشرية.

لقد حددت منظمة الصحة العالمية ومنذ عقود بعيدة مفهوم الصحة على أنها «حالة من اكتمال السلامة البدنية والعقلية والاجتماعية وليس مجرد انعدام المرض أو العجز» ويتضمن هذا المفهوم جميع العوامل المؤثرة على صحة المواطنين ويشمل ذلك كافة الجهود الرامية إلى توفير العلاج والدواء، وتحسين المحددات الاجتماعية للصحة والمرض، وتحسين نمط الحياة الصحية وتبني السلوكيات الايجابية، والنهوض بالثقافة والوعي المجتمعي بالإضافة إلى الوقاية من الأمراض.

الصحة المنتجة تكون عند الوصول الى افضل درجات المعافاة الجسديه والعقلية والاجتماعية, من هنا تاتي اهمية العناية بالصحة لبناء إنسان سليم الجسم والعقل والفكر ليقود التنمية الشاملة المنشودة التي تؤسس للتنمية المستدامة بكافة اشكالها.

خلاصة القول، اعتلال الصحة وعدم الشعور بالراحة يحولان الانسان المنتج الى انسان مستهلك وعالة على أسرته ومجتمعه والاستثمار في هذا القطاع الحيوي (الصحي) يجب أن يكون على قمة سلم الأولويات القصوى للدولة والحكومة وتقديم الخدمات الصحية يجب أن يبدأ من لحظة تكوين الجنين في رحم أمه وانتهاءً بمرحلة الشيخوخة. ــ الراي

لمدير التنفيذي للاكاديمية الدولية للصحة المجتمعية

مواضيع قد تهمك