الأخبار

أ. د. كميل موسى فرام : أسس الانتماء للوطن

أ. د. كميل موسى فرام : أسس الانتماء للوطن
أخبارنا :  

الظروف العالمية والتغيرات التي فرضها واقع الحال على جميع أركان الحياة الفردية والجماعية تفرض علينا جميعا اعادة النظر بالسلوك والتفكير على مستوى الفرد والجماعة، شريطة المحافظة على القواعد المشتركة التي تجمعنا، ابجديات وبديهيات غير قابلة للمناقشة أو التغيير أو المتاجرة فيها بمزاد علني أو سري، وحتى لا يكون الحديث أحجية، فالحديث يتركز على الانتماء لتراب هذا الوطن والمحافظة عليه، بدون فواصل التشكيك والهمز؛ الأردن القوي المستقر، رمز وواقع لا يمكن العبث بمقوماته ولا يحتاج لتغيير بالسلوك أو التصرف، فهو جزء جيني بالتركيب لأنه الساكن بقلوبنا والمحرك لشراعنا؛ هناك فرق كبير بين الحرص والتشكيك والخطاب الناري الذي يتغذى على آمال الشعب، مذكرا الجميع بأننا اليوم نعيش بمنعطف تاريخي بسبب الأحداث التي تعصف بالبشرية وعنوانها انعدام مبادئ السلام والمساواة، التي لم تجد طريقها للنور حتى الساعة بسبب الاجتهاد أو فرض الأمر الواقع بالقوة أحياناً وللحاجة أحياناً أخرى أو تبادل المصالح على حساب الشعوب المحتاجة؛ العدالة مصطلح لغوي بباطن كتب المعرفة، لم تجد طريقا لمساحة الواقع.

التجسس الذاتي قاتل للطموح وسد مانع للتقدم؛ يمنع على الفرد استخدام عبقريته ويستبدلها بظروف الشك والشكوك، خصوصا بتنامي فئة التيار العكسي التي تحاول تسويق بطولات من واقع الخيال الذي تعيشه، ولتذكير هذه الفئة، أريد المرور على تاريخ هذا الوطن منذ البدايات بقدره على تحمل الصعوبات والضغوطات التي باتت سلاح مقايضة لأبجديات لا يمكن مناقشتها، لأن الأردن بمساحته وامكاناته جزء مهم من هذا العالم؛ حقيقة مهمة غير خلافية وواضحة الأحرف والمعاني، استطاع المحافظة عليها باستقلالية مثالية ليمثل القلب والرئة، يمتلك بوصلة ضبط الأحداث على المستويين الاقليمي والعالمي، يقف على مساحة واحدة من التحالفات دون الانحياز أو التدخل، ينتهج سياسة العقلانية والحيادية المبنية على أسس العدالة والحقوق، نال وسام الاحترام العالمي بكل المناسبات والأحداث، قادر على صناعة القرارات وصياغتها بما يتوافق والقانون الدولي، لديه من الثوابت التي منحته الثقة على جميع المستويات بالرغم من تعرضه لبعض الضغوطات بهدف الاستقطاب مقابل مغريات وتسهيلات مبطنة؛ كل ذلك لم يؤثر بالقرار السيادي لأنه قرار مؤسسي مبني ضمن قواعد راسخة ساهمت ببناء ونجاح الدولة الأردنية وتقدمها ومكانتها الموقرة بين دول السيادة والقرار العالمي، فحضوره الدولي يتعدى حدود المساحة الجغرافية، لأنه صاحب الرصيد الأقوى بانتماء الفرد والجماعة.

انتشار التطورات التكنولوجية وتسهيلاتها الظاهرية والمجانية بالذات، قد خلطت مفاهيم أساسية بتنظيم حياة الفرد والأفراد والعلاقة المتبادلة بينهم، داخل المجتمع والأسرة، وتطور الأمر لتشويش لحدود أبعد بعد اعتداء مبرمج على علاقات الأفراد بمؤسسات الدولة الرسمية والخاصة، نتيجة استخدام مصطلح سلاح الحرية الذي تعرض لقرصنة مبرمجة أحرفته عن المسير على قضبان الحقيقة والتوقف بمحطاتها، فغلب عليه النعاس وأصبحت الحرية سلاح تهديد وقتل لا يحتاج لترخيص اقتناء أو تدريب أو مزاولة، بل يضمن مساق الفوضى القاتلة التي وفرتها بمجانية شركات وتحالفات مشكوك بدوافعها، توهم الفرد بأقنعة وطنية حسب المعايير المستجدة والمحدثة، رسموها حسب أجندة الاستبانة لتكون معاني الحرية بمقذوف الاغتيال حتى لو تسبب الأمر بتعظيم المشاكل الاجتماعية والسياسية والعائلية، وتجفيف أسس العلاقة الأسرية لتصبح صحراء برمال حقد متحركة وكثبان قاتلة، فيها لذة مغلفة بشرارة الأذية بفرض الخلافات لفرض حضور مزيف ومزور بهدف التوفيق والمصالحة؛ محاولة فاشلة لتشوية صورة الوطن الذي نعشق ونحب.

التوالد العشوائي لربع الخبراء بشتى مجالات المعرفة والاختصاص والقدرة على الفتوى بعلم وجهل ضمن مصطلح التحليل الأعمى، يمثل بواقعه شرارة جديدة مستجدة ستحرق أسس وثمار التفكير، تحول بستان المعرفة لكَرْمٍ مهجور أو ملاذ لبلطجية احتكار الرأي والحقيقة، فتطور المعرفة لم يساهم بتثقيف هؤلاء أدعياء المعرفة، بل جعلهم يمارسون الخبرة والاختصاص بالقانون والاستثمار والصحة والهندسة والتنظيم، ليتمادى البعض بالرغم من ضحالة مستوى التفكير للتدخل بشؤون الدولة السياسية والسيادية، بالرغم من واقعهم بالاخفاق المدرسي لفك حروف الكلمات أو تسمية جدول الضرب بأرقامه.

الأردن القوي المستقر هو الضامن الوحيد لاستقلالنا وقوتنا، وأسس الانتماء للوطن واجب على كل منا باختصاصه، نتعاون بمحبة دون تشكيك، نلتمس العذر للتقصير دون تجريح، نؤمن بقدرة الجماعة على العمل بعيدا عن الانفراد والفردية، نتشارك بالمهمات دون الاحتكار، فالحرية مصطلح قانوني غير خلافي، حلم يراود الجميع بموقعه وشأنه؛ يمنع استخدامه وتوظيفه بشتى صوره لأذية الآخرين، يبدأ باحترام الغير والذات، يرافقه الجلوس مع الذات للمراجعة والاعتراف بهدف تصحيح المسيرة، يجعل تسهيلات الحياة بمنطاد رذاذ الأمل الذي يقودنا للغد الجديد المشرق، لأن حرية التعبير بين المثالية والتطبيق، تسببت بفرض القوانين الناظمة التي نحن بأمس الحاجة اليها لحماية المجتمع والوطن، مذكراً الجميع أن أغنى أغنياء العالم هم أصحاب الشركات العملاقة مالكة منصات التواصل الإجتماعي المجانية؛ لغز يحتاج للتفكير والتحليل عن أسرار إغداقنا بخدمات الادمان، فجعل الشكوك سيدة المواقف لأن التاريخ البشري حتى حاضره يفتقر لخدمة مجانية.. وللحديث بقية. ــ الراي

مواضيع قد تهمك