رمزي الغزواي : لقطات
ثمّة من يستكثر على الناس أن يفرحوا بنجاح أبنائهم في الثانوية العامة، وتفوّقهم وعبورهم إلى مرحلة جديدة من أعمارهم. وثمّة من يصرُّ مع كل فرصة فرح تلوح في أجوائنا على تذكيرنا بانسداد آفاق مستقبلنا، وسوء واقعنا، بل ويهمزنا بشبح البطالة والإحباط، كاسرا رغبة نفوسنا الظامئة إلى قليل من الأمل والتفاؤل. ثمة من لم يدرك حتى اللآن أن الفرح اقتناص واختلاس في هذا العالم المشبع بكربونات الكآبة التعاسة.
أول أمس علّق أحدهم على حائط طالب متفوق في «فيسبوك» أن مصيره تعليق شهادته على جدار الدار، وأنه سينضم إلى طابور العاطلين عن العمل قريبا حتى بعد أن ينال أفضل الشهادات الجامعية، وعند تلك النقطة المؤلمة سألت بمرارة: لماذا نخدش يوم هذا الشاب الفرحان بإنجازه؟، لماذا نعكر صفوه ونستخف بمشاعره وحقه أن يتمسك بالأمل؟
لماذا كل ذلك التباخل والشح بالمشاعر الإيجابية، حتى في الساعات القصيرة من فرح متاح؟ ولماذا هذا السخاء المفرط في السلبية والميل إلى التنكيد على خلق الله؟ لماذا نرسم قتامة المستقبل في عيون شبابنا بهذا الشكل الفج؟ وأنا هنا لا أدعو إلى التزييف أو إلى تجميل الواقع، بل أقول إن لكل مرحلة عمرية لذاذاتها، ومصادر سعادتها، فلا تحرموا الآخرين من أخذ حقهم منها. أيجوز أن نذكر شابا بضعفه وبرودة أطرافه في شيخوخته بعد نصف قرن أو أكثر من الزمان؟ أيجوز أن ننغص على عريس ونهمس له أن أعباء دراسة الأولاد ستكسر ظهره المثقل؟
في مرآة ثانية، تواصلت قبل ايام مع بعض المتفوقين في الثانوية العامة، وهالني أن معظمهم يشتركون في شيء واحد: الأم. لديهم أمهات ساندنهم ووقفنا معهم وثابرن وسهرن. ففي الغالب وراء كل طالب متفوق أم مكافحة مثابرة مجدة. فللأمهات الدرجات العليا، وهن الناجحات الرائعات. وللآباء كل المجد. إنهم البيوت بكل معانيها.
وفي مرآة ثالثة، ما زال يحزنني أن البعض ما زالوا يصرون على النيل من حقوق المرأة والحط من قيمتها. فقد شاهدنا على مواقع التواصل الاجتماعي أن البعض لم يكتف بحجب صورة ابنته الناجحة من بطاقة التهنئة التي كتبها. وهذا حقه. ولكنه بدل منها وضع صورته الشخصية. فكيف يفكر هؤلاء؟ ــ الدستور