الأخبار

سماتُ الهوية الوطنية الأردنية المعاصرة .. الانتقال الكبير

سماتُ الهوية الوطنية الأردنية المعاصرة  .. الانتقال الكبير
أخبارنا :  

هذه الدولة الاردنية

يست انجاز لشخص,

اوطرف واحد,وانما

هي انجاز تراكمي

لكل الاردنيين من

جيل الى جيل

تناولت الحلقة الثانية من حلقات «الانتقال الكبير»، التي نشرتها $ أمس، الكيفية التي حافظ بها هذا البلد على قيَمِه الأصيلة وصانَ هويته الوطنية، في الوقت الذي دشّن فيه مشروعه التحديثي لولوج عصرٍ جديد بآفاق واضحة نحو المستقبل.

وتستعرض هذه الحلقة -الثالثة- اجتماع الأردنيين على نسيج الهوية الوطنية الأردنية التي تكوّنت على مدى الأزمنة وتعزّزت بفعل الانتماء ورسوخ الإجماع الوطني الذي دُشّن من قِبَل الدولة والمجتمع معاً، مبينةً أن الهوية الوطنية اتسمت في القرن الأول من عمر الدولة الأردنية الحديثة بكونها قويةً ونامية في الوقت نفسه، وقادرة على الاستيعاب والقبول بالتنوع؛ وأن هذه الهوية تفاعلت مع التاريخ الاجتماعي والسياسي للمنطقة، والصراعات والهجرات وحركة اللجوء، وتشكُّل المدن، والتغير الاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي مر به الأردنيون، وأثّرت في كلّ ذلك وتأثرت به، ووصلت إلى ذروة نضوجها ووضوحها التاريخي في الربع الأول من هذا القرن.

1. هوية أردنية عربية إسلامية

يجتمع الأردنيون على الإيمان العميق بالعروبة بوصفها رابطة ثقافية شعورية ممتدة عبر الأجيال، كما يجتمعون على التراث العربي بوصفه المرجعَ الأول لتكوينهم التاريخي والاجتماعي، وهم يتطلعون منذ نشأة كيانهم السياسي المعاصر إلى الهدف الوحدوي الجامع للأمة العربية ويؤمنون بوحدة مصيرها وآمالها.

وجاءت المادة الأولى من الدستور الأردني (1952) واضحةً وشكّلت الركنَ الدستوري في تكوين الهوية وتعريفها، إذ تنص على: «الــمملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة مُلْكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منــــه، والشعب الأردني جزء من الأمة العربية، ونظام الحكم فـيها نيابي ملكي وراثي». لقد حدّد الدستور بوضوح هوية الدولة الأردنية ووصفها بـ»العربية»، وحدد هوية الشعب الأردني ووصفه بأنه «جزء من الأمة العربية». وتمسكت الوثائق الوطنية كافة بهذا الفهم لقيمة البعد العربي في تكوين الهوية الأردنية.

ومارس الأردنيون ودولتهم نهجاً عروبياً في السياسة والثقافة على مدى مئة عام، فقد أطلق الآباء المؤسِّسون على الدولة الأردنية الناشئة في بدايتها الأولى: «حكومة الشرق العربي»، واستمرّت هذه التسمية حتى عام 1928، كما أُطلق على الجيش الأردني منذ نشأته اسمُ: «الجيش العربي»، وما زال هذا الاسم إلى اليوم مصدر فخر لكل الأردنيين.

كما يجتمع الأردنيون على مكانة الثقافة الإسلامية والإعلاء من القيم والتقاليد الإسلامية بوصفها مصدراً أساسياً لهويتهم الوطنية، ولا يمكن الفصل بين البعدَين الإسلامي والعربي في مكونات الثقافة الأردنية المعاصرة؛ ذلك أنهما يمثلان المكون الأساسي في تشكيل ملامح الشخصية الوطنية وهويتها.

وتنص المادة الثانية من الدستور الأردني على أن «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية»، وتعكس رموزُ الراية الوطنية الأردنية مكانةَ الثقافة العربية الإسلامية في نسيج الهوية الوطنية الأردنية.

2. هوية أردنية إنسانية

يجتمع الأردنيون على إيمانهم بالإنسانية والمساواة والعدل بين جميع البشر بصرف النظر عن العرق أو الدين، والانفتاح على الثقافات والمجتمعات الأخرى واحترامها، واحترام الكرامة الإنسانية لجميع البشر.

وتأسست الهوية الوطنية الأردنية تاريخياً على الانفتاح على الأفق الإنساني، والمساواة في الكرامة الإنسانية والحقوق المدنية والسياسية والالتزامات القانونية بين الأفراد عموماً وبين الرجل والمرأة خصوصاً.

3. هوية أردنية قائمة على المواطنة

قامت الدولة الأردنية الحديثة منذ نشأتها على تنمية المواطنة بوصفها رابطة قانونية بين الفرد والدولة ومكمِّلاً أساسياً للهوية الوطنية؛ وتقوم هذه الرابطة على قيم العدل والإنصاف والمساواة وعلى منظومةٍ متكاملة من الواجبات والحقوق.

وجاء في المادة السادسة من الدستور: «الأردنيون أمام القانون سواء، لا تمييز بينهم فـي الحقوق والواجبات وإن اختلفوا فـي العرق أو اللغة أو الدين». كما جاء في المادة نفسها: «تكفل الدولة تعزيز قيم المواطنة والتسامح وسيادة القانون، وتكفل ضمن حدود إمكانياتها تمكين الشباب في المساهمة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتنمية قدراتهم ودعم إبداعاتهم وابتكاراتهم».

4. هوية أردنية جامعة

تَجمع الهوية الوطنية الأردنية كلَّ الأردنيين على اختلاف أصولهم الثقافية وانتماءاهم الدينية والعرقية، انطلاقاً من أنها تجسّد الانتماء والمصير والهدف المشترك. والهوية الجامعة سمةٌ لنضوج أيّ هوية عبر التاريخ، من خلال قدرتها على استيعاب الجميع ضمن النسيج الوطني. وبذلك، فإن الهوية الأردنية جامعة لأنها أثبتت قدرتها على استيعاب العناصر المكونة للمجتمع الأردني وجمعها معاً. ولأنها الهوية المشتركة للجميع، فإنهم يعملون من أجلها ويحافظون عليها.

5. هوية أردنية ناجزة ونامية

تعكس الهوية الوطنية الأردنية ملامح الأردنيين ومسارات نموّ شخصيتهم الوطنية، وهي هوية ناضجة وناجزة ومكتملة، ونامية في الوقت نفسه؛ أي قادرة على التطور واستيعاب التحديث.

وقد أثبتت العقود الأخيرة منعةَ الهوية الوطنية الأردنية وأنها ليست متنازعة ومتنافرة، تحتفي بالثقافات الفرعية للمجتمعات المحلية الأردنية وترفض بتاتاً الهويات الفرعية والجهوية.

«بنى أجدادنا الأردنيون في هذا الحمى وطناً للحرية والعدالة والمساواة، فالأردن لكل الأردنيين، والانتماء لا يقاس إلا بالإنجاز والعطاء للوطن، أما تنوع الجذور والتراث فهو يثري الهوية الوطنية الأردنية، التي تحتـرم حقوق المواطن، وتفتح له أبواب التنوع ضمن روح وطنية واحدة تعزز التسامح والوسطية».

مَن هو الأردنيّ

الأردني هو الذي يعتز بهويته الأردنية وبانتمائه الحقيقي لهذا الوطن..

الأردني هو الذي يقدم مصلحة الأردن على كل المصالح والاعتبارات..

الأردني هو الذي عندما يمر الوطن بظروف صعبة أو استثنائية يسمو بكرامته وانتمائه على كل مصلحة شخصية أو حزبية أو جهوية، ويقف إلى جانب الوطن في مواجهة كل التحديات.

الأردني هو الذي يقوى بالوطن ولا يستقوي عليه، ولا ينتهز الفرص للتحريض عليه.

الأردني لا يقبل بأيّ أجندة إلّا إذا كانت مرتبطة بتراب الأردن وتضحيات الأردنيين وطموحاتهم..

الأردني هو الذي يقيس ثروته الحقيقية بمقدار ما يقدم من عطاء وتضحية وإنجاز، وليس بمقدار ما يملك من مال أو جاه.

الأردني هو الذي ينظر للمستقبل وعملية التحديث بعزم وإصرار، ويستمد القوة والثقة بالمستقبل من إيمانه بالله عز وجل ومن اعتزازه بتاريخه وتراثه وقيمه الأصيلة.

الأردني هو الذي لا يقبل بالفشل، بل يتحدى المستحيل وينتصر عليه.

أن نكون أردنيين معناها أن نعمل معاً يداً بيد لتعظيم الإنجازات، وأن نؤدي واجباتنا تجاه وطننا، وأن نحارب التطرف بجميع أشكاله. فالمواطنة والانتماء هي ما نقدمه لهذا الوطن، وليس ما نأخذه منه.

عبدالله الثاني ابن الحسين

مواضيع قد تهمك