الأخبار

فراعنة : دعوة لاستغلال نتائج الانتخابات لتعرية الاحتلال والتطرف الإسرائيلي ( 3 )

فراعنة : دعوة لاستغلال نتائج الانتخابات لتعرية الاحتلال والتطرف الإسرائيلي ( 3 )
أخبارنا :  

الحلقة الثالثة والاخيرة

أدار الندوة: هادي الشوبكي

ألقى الكاتب والمحلل السياسي حمادة فراعنة محاضرةً في مركز الرأي للدراسات والتدريب الإعلامي، بعنوان "الانتخابات الإسرائيليّة وتداعياتها"، عرض فيها للقوائم المتنافسة، وحصيلة مشاركة الفلسطينيين والانقسام الحاصل بين القوى السياسيّة، كما حلل موضوع فوز اليمين المتطرف الإسرائيلي وكذلك تراجع تحالف الأحزاب اليمينية، خالصًا إلى استنتاجات خضعت لنقاشات متنوعة في هذا المجال.

وقدّم مدير مركز الرأي للدراسات هادي الشوبكي للمحاضرة،في ضوء نتيجة الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة يصبح السؤال المطروح: ما العمل؟!.. خاصة على مستويات: الساحة الفلسطينية في إسرائيل، والساحة الفلسطينية عامة، والعربيّة، لذا جاءت المحاضرة لتقدم قراءة تحليلية لنتائج انتخابات الكنيست الاسرائيلي 25.

تعلّم الدرس..

ورأى أنّ المطلوب من القادة الفلسطينيين تعلم الدرس، وفهم الأرقام ودلالاتها، والأخطاء التي وقعوا بها أخيراً في مناطق 48، إذ أدت هذه النتائج وعززت من دور اليمين الإسرائيلي وزيادة قيمته وتأثيره على القرار السياسي والعملي لدى اسرائيل، وانعكاساته السلبية على الوضع الفلسطيني، فقد أعطت الأخطاء التي وقعت بها الحركة السياسية الفلسطينية، وأكسبت اليمين الإسرائيلي المتطرف المواقع التي وصلها، وأحد أسبابها غياب الحس بالمسؤولية لدى قادة القوائم الفلسطينية الثلاث، التي أدت الى هزيمة التجمع الوطني الديمقراطي وإخفاقه في تجاو? نسبة الحسم، وعدم نجاحه في الوصول إلى البرلمان.

وشرح فراعنة أنّ التجمع حصل على 138 ألف صوت، تم ضياعها بالكامل لأنه لم يصل إلى نسبة الحسم وهي 3.25 بالمائة من عدد الذين وصلوا إلى صناديق الاقتراع البالغ عددهم 4,436,365 صوتاً مما يعني أن تجاوز نسبة الحسم تحتاج إلى 154 ألف صوت، وأن المقعد الواحد يحتاج إلى 36 ألف صوت.

كما أنّ تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة مع الحركة العربية للتغيير، حصل على 179 ألف صوت، ونجح بخمسة مقاعد، وكان يمكن أن يبقي التحالف بين الأحزاب الثلاثة كما كان في الدورة السابقة 24 عام 2021، وكانوا قد حصلوا مجتمعين في حينه على 212 ألف صوت، بينما في هذه الدورة بلغ مجموع أصوات الأحزاب الثلاثة 317 ألف صوت، وهذا العدد يعطيهم 9 مقاعد في البرلمان بدلاً من 5 حصلوا عليها بغياب التحالف وبسبب الانقسام الذي وقع بينهم.

وحصلت الحركة الإسلامية - القائمة الموحدة وحدها على 194 ألف صوت في هذه الدورة، ولو بقي التحالف بين الأحزاب الأربعة لحصلوا على 511 ألف صوت، كما حصل معهم ولهم في دورة الكنيست 23 في شهر آذار 2020، مما يعطيهم مرة أخرى 15 مقعداً بدلاً من عشرة مقاعد حصلوا عليها في هذه الدورة، ولو كانت النتيجة كذلك لما وصل تحالف اليمين واليمين الديني الإسرائيلي المتطرف برئاسة نتنياهو إلى ما وصل إليه، فهل يُدرك أصحاب العقول النيرة من قادة الأحزاب الفلسطينية الأربعة في مناطق 48، الخطأ الذي وقعوا فيه؟!

مشكلتنا..

وتحدث فراعنة عن مشكلة التطرف، وتحليل المشكلة، وكون نتنياهو يمينيًّا في صياغة قانون «يهودية الدولة» في عهده، 19/7/2018، وفي دفع الرئيس الأميركي ترامب نحو: الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل في 6/12/2017، وإلغاء الدعم المالي الأميركي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا كمقدمة لشطب قضية اللاجئين وشطب حقهم في العودة إلى مناطق 48، وفق القرار الأممي 194، وإعلان ترامب صفقة القرن يوم 28/1/2020 في واشنطن بحضور نتنياهو شخصياً...فهو لم يستجب لحقوق وتطلعات الشعب الفلسطيني الثلاث: المسا?اة في مناطق 48، الاستقلال في مناطق 67، العودة للاجئين،..أمّا المشكلة، قال فراعنة إنّها تكمن بعاملين: أولهما لدى اليمين المتطرف المنفلت من أي ضوابط سياسية أو أمنية أو قانونية، سواء في تعامله مع فلسطينيي مناطق 48، أو فلسطينيي مناطق 67، ومع ذلك ورغم القلق السائد، إلا أن نتنياهو سيكون ضابط الإيقاع لهم لأسباب أميركية ودولية، حيث باتت إسرائيل تحت مراقبة المجتمع الدولي، بعد صدور بيانات منظمات حقوق الإنسان: بتسيلم الإسرائيلية، آمنستي البريطانية، هيومن رايتس ووتش الأميركية، إضافة إلى لجان حقوق الإنسان إزاء جرائم ا?حرب، والجرائم ضد حقوق الإنسان، لهذا سيعمل نتنياهو على لجم الأحزاب المتطرفة.

المشكلة الذاتية..

وقال فراعنة إنّ المشكلة الثانية هي ذاتية مصدرها الفلسطينيون أنفسهم، فقد أدوا داخل مناطق 48 واجباتهم الوطنية نحو صناديق الاقتراع، إذ شاركوا في الانتخابات وأعطى أصواتًا للكتل الفلسطينية الثلاث أكثر من 511 ألف صوت، أي 54 بالمائة من عدد الفلسطينيين الذين يملكون حق التصويت، وهو عدد ونسبة لم تكن متوقعة لدى المراقبين، ولكن عند التصويت استجاب قطاع واسع من أهل الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، لنداءات قادة المجتمع العربي الفلسطيني، رغم غضبهم من الانقسام بين الكتل الثلاث وفشلهم المسبق في التوصل إلى?التحالف فيما بينهم.

فالمشكلة ذاتية، والمرض داخلي، كما هو في مناطق 67 بين فتح وحماس، إذ اجتاح المرض بين اليساريين والقوميين والإسلاميين في مناطق 48.

كما أنّ التجمع الوطني الديمقراطي كان جزءاً من القائمة المشتركة ولكنه خاض الانتخابات بمفرده، وحصل على 138 ألف صوت بما يوازي ثلاثة مقاعد ونصف المقعد، وحتى يصل إلى الحد الأدنى المطلوب للنجاح، أي 3.25 من عدد المصوتين وهو 154 ألف صوت، كان يحتاج إلى 16 ألف صوت حتى ينجح، وهي أرقام ونسب كانت متوفرة لدى القائمتين: قائمة الجبهة الديمقراطية المشتركة، وحصلت على خمسة مقاعد بـ179 ألف صوت، الحركة الإسلامية وقائمتها الموحدة وحصلت على خمسة مقاعد بـ194 ألف صوت، مما يدلل على وجود فائض أصوات، ولو حصل الائتلاف بينهم، لتمكن الت?مع من تجاوز نسبة الحسم، ولكنه خسر 138 ألف صوت ذهبت إلى قوائم الأحزاب الكبيرة واستفاد منها على التوالي: الليكود 32 مقعداً برئاسة نتنياهو، وهناك مستقبل برئاسة يائير لبيد وحصل على 24 مقعداً، الصهيونية الدينية برئاسة الثنائي سموتريتش وبن غفير، وحصلت على 14 مقعداً، المعسكر الوطني برئاسة بيني غانتس وحصل على 12 مقعداً.

نحو الانحدار

وتحت عنوان «الإسراع نحو الانحدار»، قال فراعنة إنّ لكل حدث سياسي إيجابيات وعليه سلبيات، فهناك من يؤيده وهناك من يقف ضده، وهذا شأن انتخابات البرلمان الإسرائيلي، وتداعياتها.

ودلل فراعنة بما كتبه الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي في هآرتس تعليقاً على ما حققه حزب الصهيونية الدينية حليف نتنياهو في ائتلاف المعارضة، وفي ائتلاف الحكومة المقبلة نتيجة انتخابات الكنيست يوم 1/11/2022: «جنديان من بين كل عشرة جنود صوتوا لصالح إيتمار بن غفير، اثنان من بين عشرة جنود كهانيون، اثنان من بين عشرة جنود يؤيدون الترانسفير (للفلسطينيين) والضم (للمستوطنات) والموت للعرب، اثنان من بين كل عشرة جنود يعتقدون أنهم ينتمون إلى شعب أرقى وأعلى، وأنه لا يوجد للفلسطينيين أي حق هنا (في فلسطين)، يعتقدون أنه مسموح للجن?د فعل كل شيء، مسموح لهم دائماً إطلاق النار من أجل القتل، وأن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة والإهانة، وأنهم ليسوا من بني البشر».

فردّ عليه الصحفي الأميركي توماس فريدمان يوم 6/11/2022 –وهو يهودي أيضاً- بمقالة نشرتها هآرتس حملت عنوان «إسرائيل التي عرفناها لم تعد موجودة»، ويتحدث عن حكومة نتنياهو المقبلة بقوله: «سنرى ائتلاف اليمين المتطرف جداً،.. كحلف جامح من زعماء الجمهور الديني والسياسي المتطرف قومياً، ومن بينهم بعض المتطرفين اليهود العنصريين الذين يكرهون العرب، والحديث يدور عن شخصيات مثل إيتمار بن غفير، سبق وتمت إدانته عام 2007 بالتحريض على العنصرية ودعم منظمة إرهابية يهودية، وقد حذر السناتور الأميركي من الحزب الديمقراطي بوب مننديز، ?ئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ،... حذر من نتنياهو إذا شكل حكومة تضم متطرفين من اليمين فهذا يمكن أن «يعمل على تآكل الدعم الذي تحصل عليه إسرائيل من الحزبين في واشنطن بشكل جدي »، وخلص إلى ما سمعه من صديقه الصحفي ناحوم بريناع قوله: «الآن توجد لنا إسرائيل مختلفة كلياً».

وقال فراعنة إنّ هذه بدايات بادر لها جدعون ليفي الإسرائيلي وتوماس فريدمان الأميركي، والقائمة ستتسع لتشمل أشخاصاً آخرين حينما تتضح حقيقة المشهد، كما قال جدعون ليفي: «ميزة نجاح بن غفير في الانتخابات هي جعل الحقيقة تطفو على السطح».

وحول هل ستواجه إسرائيل انقلاباً لدى أصدقائها أو حلفائها الأميركيين والأوروبيين وحتى بعض العرب، قال فراعنة إنّ ذلك لن يحصل، ولكنها خطوات ومواقف تدريجية تراكمية تعمل على تعرية مشروع الاحتلال برمته، فكيف يتم استثمار ذلك فلسطينياً وتوظيفه عربياً ودولياً باتجاه تعزيز احترام المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني ودعمه والتعاطف الجدي مع شعبه.

وحدة الموقف

ورأى فراعنة أنّ قيادات الكتل الثلاث: معسكر نتنياهو وحلفاؤه، ومعسكر لبيد وشركاؤه، وبيني غانتس ومن معه، لن يستجيبوا لحقوق الشعب الفلسطيني الصامد المقيم على أرض وطنه، وهم غير معنيين بالتجاوب مع حقوق فلسطينيي مناطق 48، أبناء الجليل والكرمل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، بإلغاء مظاهر التمييز والعنصرية، وتحقيق المساواة لهم، وغير معنيين بالتجاوب مع حقوق الفلسطينيين في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، أبناء الضفة والقدس والقطاع، بإنهاء الاحتلال، ووقف الاستيطان، وقبول استقلال فلسطين.

القاعدة الإيديولوجية..

وقال إنّ نتنياهو ولبيد وبني غانتس، ينطلقون من قاعدة أيديولوجية، وخلفية إحلالية احتلالية واحدة، تهدف إلى جعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها، وفرض العبرنة والأسرلة والتهويد، والتمسك بهدفين:الأول القدس الموحدة عاصمة لإسرائيل، والثاني الضفة الفلسطينية، ليست فلسطينية، ليست عربية، ليست محتلة، بل هي يهودا والسامرة كجزء من خارطة إسرائيل، تم استعادتها باحتلال عام 1967، وتتم عبرنتها وأسرلتها وتهويدها بشكل تدريجي تراكمي، وكما فعلوا في مناطق 48، يفعلون في مناطق 67.

صراع اليمين..

كما أنّ الصراع بينهم، صراع اليمين المتطرف، في مواجهة اليمين الأكثر تطرفاً، 80 بالمئة من المجتمع الإسرائيلي العبري اليهودي، من طينة فكرية وسياسية ودينية واحدة، تزداد تصلباً وتطرفاً، وانعكاساتها جلية في سياسات الأحزاب الإسرائيلية المعلنة، فلا معسكر سلام موجود، بل غير مثمر، وغير منتج، ولا معسكر الاعتدال والتوازن والوسطية، لديه القدرة على التنافس أو فرض ما يراه مناسباً بواقعية، بل تحول إلى ذيل لليكود وحلفائه، ولخصومه ومن معه، ولذلك لا رصيد لدى حزب العمل يمكن الرهان عليه، والخصم الوحيد المتوفر لرفض سياسات العنص?ية في مناطق 48 والاحتلال العسكري في مناطق 67 هو الشعب الفلسطيني بشقيه في منطقتي الاحتلال الأولى والثانية، وعدد محدود جداً من الشخصيات الإسرائيلية، إضافة إلى غياب عوامل الضغط الخارجية، التي يمكن أن تفرض بإعادة النظر بسياسات التمييز العنصري والتوسع والاحتلال والاستيطان وسياسات التراجع غير قائمة، وعواملها غير متوفرة، وبالتالي لا أمل مُرتجى نحو الاستجابة الإسرائيلية لأي مبادرة واقعية، مهما بدت مجحفة بحق الشعب الفلسطيني، وفي طليعتها مبادرة السلام العربية التي تقدم عرضاً يحوي تنازلا مسبقا في عنوانين: التبادل في ?لأراضي، حل متفق عليه بشأن حق اللاجئين بالعودة، ومع ذلك لم يُعلن أي من قيادات اسرائيل قبوله بها أو موافقته عليها. ــ الراي



مواضيع قد تهمك