ابراهيم عبد المجيد القيسي : كل الأقنعة سقطت

رغم مرارة الحقيقة، إلا أنها جميلة، وضرورية، فالذي يعرف الحقيقة يصبح شخصا مستنيرا، مقارنة بمن لا يعرف، وحين يقولها وينقلها، يكون تنويريا .. ويصبح متساميا عن الدونية والصغائر، حين ينقلها للآخرين دون مآرب شخصية، ويكون كنبي مرسل من عند الله إن نقلها للناس بغية انقاذهم من عذاب، وبغية اكرامهم وتحسين حياتهم في الدنيا والآخرة، ويجري قتله وتعذيبه جراء عمله الشريف..
وكل من يحاول إبعادها عن الناس والحيلولة دون وصولها للناس، يكون مستفيدا من غيابها، متضررا من وصولها للناس.. ونحن شعب وصلتنا كل الحقائق، وفهمناها، وتبين لنا بأننا نتعب أنفسنا ونخسر مصالحنا، من أجل بشر حالهم اصلا أفضل حالنا، وبلدانهم أفضل من بلداننا..الخ، فهل نصبح مجرمين إن التفتنا لبيتنا الداخلي وعملنا من أجله.
بعيدا عن السياسة، او ربما في عمقها، لكن المقصود بها سياسة الشأن الوطني الأردني، يعني مصالح وشؤون الناس.. ومستقبلهم، ما هو المطلوب؟
قلناها في غير مقالة، لكننا يجب ان نؤكدها ونطالب بتحقيقها في بلدنا، لأنها الفكرة الوحيدة التي ستنقذنا من السقوط المؤلم، الذي ينتظر كثيرين غيرنا.
مشاكلنا ومصالحنا وأزماتنا الداخلية.. كلها شؤون أردنية تتطلب حلولا وإصلاحات، وأهم الإصلاحات هو طريقة تفكيرنا، فهي يجب ان يشملها التقييم وإعادة بنائها من جديد، حتى وإن طالت عملية البناء.
لا يمكن ان ننتظر ان يأتينا المال من الخارج لحل مشاكل المديونية مثلا، أو إحداث تنمية شاملة، فتنتهي مشاكل الفقر والبطالة، ولا يمكن ان نصبح بين عشية وضحاها دولة استعمارية، تغزو البلدان الأخرى، فتدمرها وتبتز أهلها وأنظمتها، وتسرق مقدراتها، «كغنائم حرب»، وتساعد شعوبها، وتبني نفسها بشكل أقوى.. نحن دولة اكتشفت بأنها قدمت مواقف كبيرة، على حساب نفسها، ولم يقدر أحد موقفها، ويجب أن تعتمد على نفسها، وتزيل الأشواك من جسدها أو من طريقها..
بجب إحداث تنمية شاملة في مجالات التعليم والبحث العلمي والصناعي.. ولا حلول نملكها غير هذا، مع تمام علمي بأن الأمر ليس سهلا ولا سريع الحدوث، لكنه لو كان أصلا في الذهنية الأردنية، المتفانية من أجل قضايا العالم، المتناسية جروحها وأزماتها وتضحياتها..لم يكن ليحدث هذا الكم من التحديات والمشاكل والازمات..
علينا أن نقتنع بأن هذا هو الحل، ولا حلول حاسمة تأتي من الخارج بلا مقابل، علما أن لا مقابل عندنا، لو كنا نريد حلولا فعلية لأزماتنا ومشاكلنا، فكل الذي يأتي من الخارج يجعلنا نكذب على أنفسنا ونضيع وقتنا، لنبلغ تلك النقطة لا قدّر الله.
كل الأقنعة تساقطت، فلماذا لا نتغير ونلتفت لمشاكلنا؟! ــ الدستور