الأخبار

د. طارق سامي خوري يكتب : دلالات وأهمية ارتفاع احتياطي العملات الأجنبية وأثره على الاستقرار المالي

د. طارق سامي خوري يكتب : دلالات وأهمية ارتفاع احتياطي العملات الأجنبية وأثره على الاستقرار المالي
أخبارنا :  

ارتفاع احتياطي العملات الأجنبية يُعد مؤشرًا على استقرار الاقتصاد الكلي للدولة، حيث يعكس ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية الدولية بالنظام المالي للدولة. وتتجلى أهمية الاحتياطي النقدي في عدة جوانب، أبرزها:
1. استقرار الاقتصاد الكلي: احتياطي العملات الأجنبية المرتفع يشير إلى استقرار مالي واقتصادي، مما يعزز قدرة الدولة على تنفيذ سياساتها النقدية بثقة.
2. تحسين القدرة على الاستيراد: كلما زاد الاحتياطي، زادت قدرة الحكومة على تمويل الواردات الأساسية مثل الغذاء والطاقة دون الحاجة إلى الاقتراض أو مواجهة نقص في السلع الأساسية.
3. تقوية العملة المحلية: الاحتياطي القوي يمكن الدولة من التدخل في سوق الصرف لدعم عملتها والحفاظ على استقرارها، مما يقلل من مخاطر التضخم الناجم عن تقلبات أسعار الصرف.
4. تحسين التصنيف الائتماني: الدول ذات الاحتياطيات العالية تحصل عادة على تصنيفات ائتمانية أفضل، مما يساهم في خفض تكلفة الاقتراض من الأسواق المالية العالمية.
5. التعامل مع الأزمات: امتلاك احتياطي قوي يمنح الدولة قدرة أكبر على مواجهة الأزمات الاقتصادية المفاجئة مثل الأزمات المالية العالمية، أو تراجع الإيرادات من الصادرات، أو ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

كم عام يجب أن يكون الاحتياطي كافيًا للوصول إلى درجة الأمان؟

المقياس الدولي المتعارف عليه هو أن يغطي احتياطي العملات الأجنبية واردات الدولة لفترة تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر على الأقل من الاستيراد، وهو الحد الأدنى لدرجة الأمان المالي. كلما زاد الاحتياطي وغطى فترة أطول، زادت قدرة الدولة على الحفاظ على استقرارها الاقتصادي والمالي.

إذا كان الاحتياطي يغطي واردات لمدة 12 شهرًا أو أكثر، فإن ذلك يُعتبر مؤشرًا على قوة اقتصادية واستقرار نقدي كبير، حيث يمنح الدولة قدرة أعلى على حماية اقتصادها من التقلبات الخارجية غير المتوقعة.

مقارنة مع وضع الأردن

وفقًا لأحدث التقارير، بلغ احتياطي البنك المركزي الأردني من العملات الأجنبية 21.097 مليار دينار أردني، بينما تبلغ المستوردات السنوية للأردن حوالي 16 مليار دينار أردني. وبمقارنة هذا الاحتياطي بالمعايير الدولية، يتضح أن الأردن يتمتع بمستوى مرتفع من الأمان النقدي:
** باحتساب الحد الأدنى العالمي للأمان النقدي (3-6 أشهر من الاستيراد)، يحتاج الأردن إلى احتياطي يتراوح بين 4 إلى 8 مليارات دينار أردني لضمان استقرار مالي.
** باحتساب الحد الأعلى (12 شهرًا من الاستيراد)، يحتاج الأردن إلى احتياطي قدره 16 مليار دينار أردني ليحقق أعلى درجات الاستقرار.
** بما أن الاحتياطي الفعلي يتجاوز 21 مليار دينار، فهذا يعني أن الأردن يمتلك احتياطيًا يكفي لتغطية الاستيراد لأكثر من 15 شهرًا، وهو أعلى من المقياس الدولي للأمان النقدي، مما يعكس استقرارًا ماليًا قويًا وقدرة على مواجهة الأزمات الاقتصادية.

خلاصة الوضع الاقتصادي للأردن

بالمقارنة مع دول أخرى، فإن وضع الأردن في هذا المجال مطمئن جدًا، حيث يمتلك احتياطيًا يتجاوز المعايير الدولية المطلوبة لتحقيق الأمان النقدي. هذا الاحتياطي القوي يتيح للحكومة القدرة على استيراد السلع الأساسية دون قيود، ويمنحها مرونة في مواجهة الأزمات المالية العالمية، مما يعزز استقرار العملة المحلية والاقتصاد الكلي للدولة.

نستنتج هنا إن توفر احتياطي نقدي قوي للدول ليس مجرد رقم اقتصادي، بل هو عامل رئيسي في الاستقرار السياسي والاقتصادي، وهو ما يظهر بوضوح في الأردن مقارنة بدول تعاني من أزمات مالية ونقدية. فبينما تواجه بعض الدول اضطرابات اقتصادية بسبب شح احتياطياتها، يوفر الاحتياطي الأردني شبكة أمان تتيح مرونة أكبر في السياسات المالية وتساعد على تجنب الأزمات الاقتصادية الكبرى.

د. طارق سامي خوري
10/3/2025

مواضيع قد تهمك