الأخبار

سارة طالب السهيل تكتب : المرأة في الشعر العربي (1-4)

سارة طالب السهيل تكتب : المرأة في الشعر العربي (14)
أخبارنا :  

في شهر المرأة، شهر مارس الذي يزهو بأيامه الاحتفالية بالمرأة، نجد أنفسنا أمام فرصة ذهبية للتأمل في دورها العظيم عبر العصور. المرأة التي كتب عنها الكثير في ميادين الحياة المختلفة، من حقوقها وتمكينها، إلى كفاحها ونضالها في العمل والبيت والسياسة والأدب. المرأة التي كانت أم الشهيد، وأرملة الأبطال، والتي وقفت شامخة في ميادين الحرب والحرية، تاركةً بصماتها الواضحة على صفحات التاريخ.

اليوم، قررت أن أتوقف قليلاً عن الحديث عن نضالاتها في حقول العمل والبيت والوطن، وأن أتجه إلى عالم آخر، عالم الشعر، حيث الروح تتنفس الصعداء، والقلب يجد غذاءه، والفكر يستعيد توازنه. في هذا العالم، نضع أسلحتنا جانباً، ونغوص في بحور الكلمات التي صورت المرأة عبر العصور، كأنها لوحة فنية تتجدد ألوانها مع كل عصر، ولكنها تبقى محتفظة بجمالها وأصالتها. المرأة كشاعرة والمرأة التي تروى الأشعار من أجلها، فالمرأة مثل الوطن بها السكينة والأمان ولها الانتماء.

الشعر كان ولا يزال مرآة تعكس صورة المرأة بكل أبعادها، من الحبيبة إلى الأم، من المحاربة إلى الحكيمة. فلنستعرض معاً قصائدها وشعرها وكتاباتها عبر العصور، ونعرف أيضاً كيف رأى الشعراء المرأة، وكيف جسدوا صورتها في قصائدهم، وكيف كانت مصدر إلهام لا ينضب لكل من أراد أن يعبر عن الجمال والقوة والعطاء. وهو يعكس تطور المجتمعات وتغير تصوراتها حول المرأة.

من الجميل أن نعرف دور المرأة في الشعر العربي عبر العصور، بدءاً من الرمزية والتصورات التقليدية وصولاً إلى الأصوات المعاصرة التي تعبر عن تجاربها الخاصة ورؤاها الفريدة. سنلقي الضوء على كيفية تصوير المرأة في الشعر العربي، وكيف ساهمت هي نفسها في تشكيل هذا الأدب من خلال إبداعاتها الشعرية وتأثيرها في الشعراء الذكور.

وإذا سنأخذ الموضوع من حيث التسلسل التاريخي والزمني فلا بد أن نذكر أول شاعرة بالتاريخ.

أول شاعرة معروفة في التاريخ هي إنخيدوانا* (Enheduanna)، التي عاشت في بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا) حوالي عام *2300 قبل الميلاد*.

تُعتبر إنخيدوانا أول مؤلفة معروفة في التاريخ، حيث كتبت مجموعة من التراتيل والقصائد الدينية باللغة السومرية. من أشهر أعمالها «تراتيل إنانا».

أعمال إنخيدوانا تميزت بقوة التعبير الشعري والعمق الروحي، مما جعلها تُعتبر أول شاعرة في العالم وأحد أهم الشخصيات الأدبية في التاريخ القديم.

في الشعر الجاهلي، كانت المرأة تُصوَّر غالباً كرمز للجمال والحب، وأحياناً كرمز للحكمة والقوة. كانت شخصيات مثل الخنساء، التي عُرفت برثائها لأخيها صخر، مثالاً على قوة المرأة وقدرتها على التعبير عن المشاعر العميقة.

كما كانت المرأة في الشعر الجاهلي تمثل الحنين إلى الوطن والأهل، خاصة في قصائد الغزل التي كانت تُعبِّر عن شوق الشعراء لحبيباتهم. كانت المرأة هنا محوراً للشعر، لكنها غالباً ما كانت تُصوَّر من منظور ذكوري، كموضوع للإعجاب أو الحنين.

في العصر الجاهلي، برز عدد من الشاعرات اللواتي تركن بصمات واضحة في تاريخ الأدب العربي، رغم أن التاريخ لم يحفظ لنا سوى القليل من أخبارهن وقصائدهن بسبب طبيعة المجتمع الذي كان يهيمن عليه الذكور. ومع ذلك، فإن ما وصلنا من شعر الشاعرات الجاهليات يعكس حضوراً قوياً وتمكناً أدبياً، حيث كن يعبرن عن مشاعرهن وأفكارهن بجرأة وشعرية عالية. من أبرز الشاعرات في الجاهلية.

- الخنساء (تماضر بنت عمرو): تُعد الخنساء من أشهر شاعرات الجاهلية والإسلام، وقد عُرفت بقصائدها الرثائية التي تبكي فيها أخويها صخراً ومعاوية، الذين قتلا في حروب القبائل. تميز شعر الخنساء بقوة العاطفة وجزالة الألفاظ، وقد تحولت قصائدها إلى رمز للوفاء والحزن العميق. بعد إسلامها، اشتهرت أيضاً برثائها لأبنائها الذين استشهدوا في معارك الفتوحات الإسلامية.

ومن أبياتها الحزينة نذكر:

يا عَينِ جودي بِالدُموعِ

المُستَهِلّاتِ السَواجِم

فَيضاً كَما اِنخَرَقَ الجُمانُ

وَجالَ في سِلكِ النَواظِم

وَاِبكي مُعاوِيَةَ الفَتى

وَاِبنَ الخَضارِمَةِ القُماقِم

وَالحازِمَ الباني العُلى

في الشاهِقاتِ مِنَ الدَعائِم

مواضيع قد تهمك