السفير محمد الكايد يكتب : خطة إعمار غزة .. ما لها وما عليها

تضمنت الخطة المصرية التي وافقت عليها القمة العربية مؤخرا والخاصة باعادة اعمار غزة، الكثيرمن التفصيلات والتواريخ والارقام الواقعية القابلة للتحقيق.
وأكدت الخطة على معظم الثوابت والمواقف العربية الموحدة تجاه حل القضية الفلسطينية بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة.
ولعل أهم الثوابت في الخطة وبعيدا عن تفصيلاتها المهمة الكثيرة هي: اولا، رفض التهجير بشكل مطلق بعكس ما يدعو له الرئيس ترامب مما يفسر الرفض الامريكي لها بالرغم من التصريح بالدعوة لمزيد من المباحثات. ثانيا ، الابقاء على سلاح المقاومة لحين التوصل الى تفاهمات اقامة الدولة المنشودة ، وهو الذي يفسر ايضا الرفض السريع للجانب الاسرائيلي والترحيب الاسرع من قبل حماس.
لا يمكن اعتبار الخطة العربية لاعادة اعمار غزة بمثابة مبادرة سلام عربية جديدة؛ بل هي محاولة جدية من الدول العربية لمعالجة الوضع الماساوي في غزة والناتج عن المغامرات والحسابات الخاطئة لحماس والتي اوصلت الحالة المعيشية للفلسطنيين الى ما هي عليه الان . كذلك حاولت الخطة معالجة الاثار الوحشية والدمار الهائل الذي احدثته آلة الحرب الاسرائيلية المسعورة ، والاعتداء الاجرامي لاسرائيل على الاطفال والنساء ، ومحاولات التطهير العرقي والابادة الجماعية ضد الفلسطينين والتي اظهرت جليا بان العقاب الاسرائيلي اكبر من الذنب الحمساوي.
من جهة ثانية ، وبينما قدمت الخطة رؤية عربية مستقبلية للوضع الفلسطيني وخاصة دور حماس المستقبلي في الشان الفلسطيني ، الا انها لم تتطرق الى التعامل مع احتمالية الرفض الاسرائيلي والذي كان متوقعا. فكما حددت الخطة رؤية مستقبلية للجانب الفلسطيني وقبول حماس بها ، كان من الافضل ان تتضمن ايضا رؤية واضحة ومحددة للرفض الاسرائيلي المحسوم والمعروف مسبقا، وذلك عن طريق التلويح باتخاذ اجراءات قانونية ، وبما يتوافق مع القوانين الدولية، بتحميل السلطة القائمة بالاحتلال مسؤولية الدمار الحاصل واللجوء للمحاكم الدولية للمطالبة بالتعويضات. فليس من المنطق ان تقوم اسرائيل بتدمير غزة على رؤوس ساكنيها ويقوم العرب والمجتمع الدولي بدفع كلفة اعادة البناء دون مطالبة اسرائيل بالتعويضات. وقد كان كفيلا ، لو تم ادراج مثل هذا البند، لجعل اسرائيل تفكر مليا قبل اصدار رفضها السريع والمستهتر للخطة.
في المجمل، فان الخطة العربية اتسمت بالواقعية والبرجماتية واحتفظت بالثوابت العربية في الطرح وهو ما يفسر قيام الجانب الامريكي بالابقاء على ابواب النقاش مفتوحة حولها بينما اعتبرها الجانب الاسرائيلي خطة دون انياب ( وهي اللغة التي تفهمها اسرائيل) مما سهل عليها رفضها.