الأخبار

محمد خروب : أوروبا الحائِرة: مَن يتفكك أولاً.. الاتحاد الأوروبي أم «الناتو»..؟؟

محمد خروب : أوروبا الحائِرة: مَن يتفكك أولاً.. الاتحاد الأوروبي أم «الناتو»..؟؟
أخبارنا :  

ليس ثمة مُبالغة أو استباق مُبكر للحال التي ستغدو عليها «تحالفات» القارة العجوز المُقبلة, التي قيل فيها وعنها (في عقود القرن العشرين الغابرة): إنها «عملاق اقتصادي مع تأثير سياسي و«عسكري محدود». وهو ما تكشّف بوضوح «قبل» وخلال المؤتمر الذي دعا إليه رئيس الوزراء البريطاني/ستارمر, وضم «خليط» من رؤساء دول وحكومات في الاتحاد الأوروبي كذلك دول أعضاء في حلف الناتو, على النحو الذي رأينا فيه مشاركة وزير الخارجية التركي/حقان فيدان, إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية/اورسولا فون ديرلاين وأمين عام الناتو/ مارك روته. (ناهيك بالطبع عن رئيس نظام كييف/زيلينسكي, الذي رفضَ التحدّث لـ«الصحفيّين» باللغة الإنجليزية في بلاد الإنجليز التي استضافته).

ما تمخض عنه «مؤتمر الراغبين» في لندن عكسَ, وانعدام قدرة إزاء واشنطن دونالد ترامب ونائبه/جميس دي فانس, وزير خارجيته روبيو وخصوصاً مستشاره للأمن القومي/ مايكل والتز, الذين «خاضوا» اشتباكاً ساخناً مع الرئيس الأوكراني «المُنتهية ولايته منذ عشرة أشهر» داخل البيت الأبيض وخارجه, وما تزال اصداؤه تتردد في جنبات المعمورة, وبخاصة في فضاء أوروبا الحائرة والمُرتبكة.

وإذا كان رئيس الوزراء البريطاني/ ستارمر قد حدّد «ثلاثة» أهداف للقمة التي التأمت أول أمس الأحد, مُضيئاً على أهدافها «الثلاثة» بالتسلسل التالي: الهدف الأول: «تعزيز موقف أوكرانيا الآن ـ بما في ذلك الدعم العسكري المستمرـ وزيادة الضغوط الاقتصادية على روسيا». فيما حصرَ الهدف الثاني بـ"الحاجة إلى اتفاق قويّ ودائم يحقق السلام الدائم في أوكرانيا, ويضمن قدرة أوكرانيا على ردع أي هجوم روسي مُستقبلي والدفاع ضده»، أما الهدف الثالث فتمثّلَ في «الخطوات التالية للتخطيط لضمانات أمنية قوية».

نقول: فإن المُدقق في النتائج التي تمخّضت عنها «قمة الراغبين» اللندنية, لم تعكس بحق أن أحداً من تلك الأهداف الطموحة ولكن «الوهمية»، قد تحقّق فعلا, اللهم إلا في الأقوال وبذل الوعود التي تعكس عجزاً, أكثر مما تشي بقدرة المجتمعين على الوفاء بوعودهم الخُلّبية, ليس فقط في غياب «الأخ الأكبر» الأميركي, بل خصوصاً أن «عدداً» لا بأس به من المُجتمعين في لندن, غير قادرٍ (حتى لو رغِبْ) على الخروج عن إرادة وقرار واشنطن, وأولهم البريطاني العُمّالي/ كير ستارمر, الذي استضاف «قمة الراغبين", والتي لم تجِد حتى بعد مرور 48 ساعة على انتهائها, أي دولة أو زعيماً أوروبياً أو أطلسياً/ناتوياً يعلن استعداده للانضمام إلى «تحالف الراغبين».

اللافت أيضاً أن أحداً من المجتمعين سواء انضوى تحت راية الاتحاد الأوروبي, أم احتمى بعضويته في نادي حلف شمال الأطلسي/ الناتو, لم يتوعّد أو حتى يتحدث عن «إلحاق هزيمة استراتيجية» بروسيا, على نحو ما واظب قادة الناتو والاتحاد الأوروبي القول في عهد الراحل جو بايدن, التهديد والوعيد وضخ المزيد من الأسلحة والعَتاد والطائرات المُقاتِلة والدبابات والصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تضرب العمق الروسي, ناهيك عن مليارات اليوروهات والدولارات.

إذ سادت الآن «فجاة» مصطلحات جديدة طالما كانت جزءاً من مصطلحات الصراع الفلسطيني والعربي ـ الصهيوني, من قبيل «اتفاق قوي ومُستدام يحقق السلام الدائم في أوكرانيا", و(القمة المُهمة في لندن ستمنح الزعماء الأوروبيّين فرصة للدفع نحو «سلام عادل ودائم» في أوكرانيا). زد على ذلك العبارة التي تفيض إنحيازاً ونفاقاً ومفادها: «تقديم ضمانات أمنِية تضمن لأوكرانيا سلاماً دائماً قائماً على السيادة والأمن». وهي العبارة المُستهلكَة التي كانت تتكرّر وما تزال, على ألسِنة الأميركيين والأوروبيين بالنسبة للكيان الصهيوني العنصري الاستعماري, عند الحديث عن مُقترحات أو حلول (إقرأ فِخاخ) للصراع المفتوح فلسطينياً وعربياً مع المشروع الصهيوني الإحلالي.

** استدراك:

قالت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية: إن الدعوات الأوروبية لـ"الاستقلال عن الولايات المتحدة»، التي كانت «هامشية» قبل أشهر، بدأت تجد صدى أوسع. حيث تسعى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إلى «تقليل الاعتماد على واشنطن في مجالات الدفاع»، وعلى «الصين في المواد الخام»، وعلى «روسيا في الطاقة»، وهو توجّه قد يتزايد مع استمرار التوتّرات العالمية. مشيرة/الصحيفة ألى أن القادة الأوروبيين سيجتمعون بعد غدٍ الخميس، (دون مشاركة رئيس الوزراء البريطاني/ستارمر, إذ إنسحبت لندن من عضوية الاتحاد الأوروبي)، لمناقشة قضيتيْن رئيستين, الأولى: مدى استعداد أوروبا لـ"دعم أوكرانيا» في حال انسحبت الولايات المتحدة من المشهد. والثانية: كيفية الحفاظ على «قوة حلف الناتو» إذا قرّرت واشنطن «تقليص دورها القيادي». ــ الراي

kharroub@jpf.com.jo

مواضيع قد تهمك