لما جمال العبسه : «المعادن النادرة»... كلمة السر الجديدة

«الحرب الجيوسياسية» بين روسيا واوكرانيا المدعومة من حلف الناتو بقيادة امريكا والهادفة لحماية اوكرانيا اولا والدول الاوروبية ثانيا من اي نية للاتحاد الروسي لغزو دول الناتو بزعمهم، كبدت الاقتصاد العالمي عموما واقتصاد اوروبا خاصة خسائر بترليونات الدولارات وجعلت إقالة عثرتها بحاجة الى «كنز علي بابا».
ومع عودة الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب الذي احيانا ما يسمي الاشياء بمسمياتها ويرفع ما بالادراج الى سطح المكتب، ظهر «كنز علي بابا»، والمتمثل بالمعادن النادرة التي تمتلكها اوكرانيا وتصل الى 22 معدنا نادرا، والكثير منها يستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية واخرى في صناعات النانو تكنولوجي، ولديها اكبر رواسب خام اليورانيوم في اوروبا بحجم يصل الى 107 آلاف طن متري، عدا عن امتلاكها لكميات تجارية من معادن مهمة مثل النيوديميوم و الإربيوم الإتريوم المستخدمة في الطاقة النووية والليزر، وهي بالمناسبة لا تقدر بثمن، وغيرها الكثير من نفط وغاز وحديد.
ومع اعلان ترامب خطته لانهاء الحرب بين اوكرانيا وروسيا ضمن اتفاقية تتيح لواشنطن الحصول على 50% من عائدات استغلال المعادن النادرة لاوكرانيا وما شاب هذه الاتفاقية من خلافات، ظهرت دول اوروبية اخرى على رأسها فرنسا التي قالت صراحة انها تريد استغلال المعادن النادرة في اوكرانيا، وتلتها دول اوروبية اخرى دعمت كييف بالسلاح وما زالت حتى الآن لمواجهة موسكو واستعادة المقاطعات التي استولت عليها الاخيرة والتي بالمناسبة تحتوي على نسبة كبيرة من هذه المعادن النادرة.
اذن الحرب الروسية الاوكرانية باتت واضحة الاسباب، والتي من البداية كانت حربا دموية لتغيير الجغرافية لاستغلال الموارد الطبيعية الاوكرانية تحت شعار «حماية اوكرانيا وديمقراطيتها».
هذه الضجة الكبيرة ستسمح لثاني اكبر منتج للمعادن النادرة وهي امريكا بحجم 45 الف طن متري من زيادة انتاجها، كما ان هذه الاتفاقية ستعزز من احتياطاتها من هذه المعادن والبالغة 1.9 مليون طن وتحتل مع هذا الحجم المرتبة السابعة عالميا، وهذه المحاولات لاتمام صفقة المعادن مع كييف ترى فيها واشنطن تقويضا لقدرة الصين الدولة الاولى عالميا باحتياطات وانتاج المعادن النادرة، التي تستفيد منها في معظم القطاعات خاصة التكنولوجية.
ومع بروز اهمية المعادن النادرة، نجد ان هناك دولا عربية استفاقت على جدوى الاستثمار فيها حيث حقق هذا المجال ايرادات بلغت 12.2 مليون دولار في العام 2024 وهو رقم متواضع جدا مقارنة بأهمية هذه العناصر، لكن الجميل في الامر ان الاردن كان ضمن قائمة الدول العربية التي تمتلك العناصر الارضية النادرة.
ولأن الأردن لديه رواسب من فوسفات ومعادن نادرة فإنه من الممكن ان يلعب دورا هاما في تصديرها الى مراكز التصنيع والتكنولوجيا في مختلف انحاء العالم، وهذا الامر بالطبع يحتاج الى الاستغلال الامثل لثرواته المعدنية ليصبح موردا عالميا لمكونات حيوية تستخدم في مجالات متعددة.
في ظل موجة «المعادن النادرة» التي اصبحت مركز اهتمام الدول الكبرى واساسا لسياساتهم، فإننا في المملكة بحاجة للتغلب على العقبات التي تقف في وجه استخراج العناصر النادرة، وهناك ضرورة ملحة للبحث في ايجاد بيئة استثمار تتوافق مع المعطيات العالمية لجذب استثمارات في هذا القطاع الهام بالاضافة لجلب خبرات اجنبية تعين المسؤول في اتخاذ القرارات المناسبة، لجعل القطاع التعديني اكثر فاعلية في الاقتصاد الوطني. ــ الدستور