عصام قضماني : جسور اقتصادية!

لم يفرض الأردن عودة قسرية للاجئين السوريين إلى بلادهم لذلك كانت العودة الطوعية بطيئة ولا تزال.
عاد نحو 42,675 سورياً عبر معبر جابر الحدودي، منذ سقوط نظام بشار الأسد. وما زال هناك عدد كبير منهم لا يفكر في العودة وربما انه سيفكر لاحقا بالزيارة فقط؛ فقد أسس له عملا هنا وحياة ربما لا تتوافر له مثلها إن عاد إلى سوريا كما أن الأوضاع الاقتصادية هناك ليست مستقرة وكذلك الأمنية.
قبل سقوط النظام في سوريا كان المجتمع الدولي يتحدث بلغة توطين اللاجئين ولم يكن مستعدا لتمويل تكلفة عودتهم وكان ضعيفا جدا في تمويل تكلفة ايوائهم.
اليوم تغيرت اللهجة فهو يدعو السوريين إلى العودة للمشاركة في بناء بلدهم سياسيا واقتصاديا.. كنت ارغب في ان اطرح سؤالا، ما إذا كانت دعوات العودة إلى البلاد تشمل اولئك الذين انتقتهم لجان خاصة بشروط وأسس دقيقة للهجرة إلى أوروبا وخصوصا ألمانيا؟!
توطين اللاجئين في بلدان اللجوء غير مرغوب فيه، فهو يعني تغييراً في التركيبة السكانية وهو يعني التاثير على التقاسم السياسي.
في الأردن توطين أعداد كبيرة من اللاجئين ليس مقبولا لاسباب اقتصادية في بلد يعاني من شح المياه واستيعاب محدود في البنية التحتية وبطالة بدأت تتوطن لا تحتاج الى عوامل منافسة اخرى تزيدها تأزيما.
تقوم وزارة التخطيط بوضع خطة استجابة لمتطلبات اللاجئين السوريين، وهي مهمة تتصدى لها منذ أكثر من عقد حتى أصبحت مملة ليس لأن الملف فيه ما فيه من تشابكات بل لأن الاستجابة لما يطلبه الأردن من تمويل تتناقص سنة بعد سنة.
الاستجابة للازمة السورية من المجتمع الدولي لا تتجاوز ١٠٪، فلماذا نكرر أنفسنا في هذا الملف ولماذا نطرب على الكلام الدولي المعسول بأننا دولة تقدم أكثر من إمكاناتها وتقبض على الجمر دون مقابل يغطي نصف ما ننفق!
هذا الملف يجب أن يغلق بخطة تعيد هؤلاء اللاجئين إلى بلدهم لتتحمل الدولة السورية الجديدة مسؤوليتهم، وعلى المجتمع الدولي إن كان جادا في دعم سوريا الجديدة أن يشارك هذا العبء دون انتقائية!
الأردن يتعامل بسخاء بما ينسجم مع رسالته وعاطفته ورسالته العروبية، وقرر أن يتحمل العبء الأكبر، فأبقى على الحدود مفتوحة بما يفوق قدراته وموارده لكنه يستحق أكثر من الشكر والإشادة!
لا يعكس الأردن الأثر الاقتصادي لإعالة أكثر من مليون لاجئ سوري في موازناته ولا تعكسها مؤشراته الرئيسية مثل البطالة والنمو والفقر، وهذا لا يعني أنها غير موجودة، لكن سياسة الفصل في البيانات هذه ربما تكون قد أغرت المجتمع الدولي بالتباطؤ والصدود أحياناً على اعتبار أن الأوضاع على ما يرام وهو ما يحتاج إلى تفسير..
هناك طبقة من التجار والمهنيين السوريين اصبح لهم أعمال ومصالح وحياة معتادة ولا شك أنهم احتووا أعداداً كبيرة من المهنيين السوريين في مصانعهم ومتاجرهم وغيرها.
هذه الطبقة لا تفكر في العودة بقدر ما تفكر في توسيع أعمالها بين الأردن وسوريا.
مثل هذه الجسور الاقتصادية مطلوبة ويجب تشجيعها. ــ الراي
qadmaniisam@yahoo.com