الأخبار

بلال حسن التل : نشرات الطقس.. دلالات ومؤشرات

بلال حسن التل : نشرات الطقس.. دلالات ومؤشرات
أخبارنا :  

بلال حسن التل
تصلح طريقة تعاملنا خلال الأيام الماضية مع النشرات الجوية كنموذج لطرائق تفكيرنا، وبالتالي لطرائق سلوكنا في حياتنا اليومية، ومن ثم استغلال ذلك كله لاسباب تجارية بصرف النظر عن حجم البلبلة والفوضى التي يحدثها هذا الاستغلال، مما يوجب تقديم من يسببه للقضاء؟
النموذج السلوكي الذي نمارسه اتجاه نشرات الطقس، نموذج يثير القلق، فبين ساعة واخرى كان الناس يتداولون موعداً مختلفاً لدخول المنخفض الجوي، وبين كل ساعة واخرى يختلف مستوى ودرجة شدة المنخفض، ومدته، وهل هو مصحوب بالثلوج ام انه بدون ثلوج، مع اختلاف في المناطق التي ستصلها الثلوج، ومستوى سماكتها، ورافق ذلك كله ترحيل مواعيد، وتأجيل اعمال، وتحلل من التزامات. وكلها تدل على سلوك مجتمعي مضطرب، اول مؤشراته ميل شديد للكسل والتحلل من الالتزام، والبحث عن مبررات لهذا السلوك، وقد صارت الحالة الجوية من اهم مبررات سلوك الكسل والتحلل من الالتزامات، ووقف عجلة الانتاج الضعيف أصلاً. وهو تغير سلبي في سلوكنا الفردي والجمعي، فلعقود قليلة لم تكن الاعمال في بلدنا تعطل، ولا الدراسة تتوقف في مدارسنا، بحجة الاحوال الجوية حتى القاسية منها، بالرغم من أن طرقنا ووسائل النقل لدينا لم تكن افضل مما هي عليه الآن، وكانت نسبة عالية من طلابنا ينتقلون من قرية الى قرية مشياً على الاقدام للوصول الى مدارسهم تحت المطر الشديد، وكان الآباء يخرجون الى عملهم، ولا يوقفهم عن ذلك مطر شديد، بل كان الناس يفرحون بالمطر، باعتباره بشرى خير، فيسعون في طلب الرزق.

غير التّغير السلبي في سلوكنا، الذي تكشف عنه طريقة تعاملنا مع النشرات الجوية، فإنها تكشف عن خلل آخر خطير وهو عدم ايماننا ومن ثم عدم التزامنا بالتخصص وبالمرجعيات الرسمية المسؤولة، فالأصل ان نعتمد نشرات دائرة الارصاد الجوية باعتبارها المرجعية الرسمية المتخصصة والمسؤولة، المكلفة قانونا بمتابعة الحالة الجوية، وما يترتب عليها من سلوك وحركة بما في ذلك حركة الطيران، على خطورته واهميته، لكن دخول مفهوم الخصخصة على مجال حيوي كمجال الارصاد الجوية، وقيام مراكز ارصاد على أسس تجارية تستهويها الشهرة، وتسعى لجمع الثروة من خلال الإعلانات، وحصد اشارات الإعجاب على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي يتحول الى حصاد مالي، هذا الدخول للخصخصة على مجال الارصاد الجوية صار سببا رئيسيا لما نعيشه من فوضى وارباك وكسل وتعطيل للإنتاج، كلما لاحت في افق بلدنا تباشير الخير تحمله سحائب السماء، مما صار لا بد معه من تنظيم مجال الارصاد الجوية وضبطه، لتنضبط معه حياتنا في فصل الشتاء فلا يصير فصلا للكسل والفوضى المعلوماتية.

مواضيع قد تهمك