الأخبار

كامل النصيرات : قاعد مع الشيطان

كامل النصيرات : قاعد مع الشيطان
أخبارنا :  

حين كنتُ أكتب الشعر شبه كلّ يوم أيّام ميعة الشباب، كنتُ أجد صعوبة شديدة في إفهام من حولي أن ينصرفوا عني.. أن يتركوا كل ضجيجهم.. ألّا يدخل أحدٌ غرفتي المكركبة.. ألّا يسألني أحدٌ أيّ أحد أدنى سؤال أو يومئ إليّ بأيّة ايماءة ولو برفع حاجبيه..

لكنهم في النهاية اقتنعوا بعد أن أقنعتهم أنا بأن للشعر شيطانًا يأتي ويتلبّسني ويعطيني مفاتيح القصيدة ومفاتنها ويغريني بها حتى تنام في حضن وجداني مطمئنّة..! كان همّي الأكبر هي أمّي.. إذا اقتنعت فهي ستضبط لي كل البيت.. كل الحركات فيه.. ستمنع الدخول عليّ من أي كان.. وأقنعتها .. بل اقتنعت على مضض.. لأنها كل مرّة تقول لأي أحد يريد رؤيتي: قاعد مع الشيطان؛ الله يهديه..! كانت تقف على باب غرفتي تريد أن تدخل وتحكي معي ولكنها حين تراني أمسك القلم وأمامي ورق؛ تزمّ شفتيها وتهزّ رأسها وكأنها تقول: ضاع الولد.. يا ويلي عليك يا إوْليدي..!

ظللتُ مقتنعًا حتى وقت قريب بحكاية الشيطان القاعد معي.. وإليه أنسب كل إجرامي.. بل كنتُ أحب هذا الشيطان لأنه مصدر إبداعي وإلهامي.. لذا؛ كنتُ أخاف أن استعيذ بالله من الشيطان الرجيم عند الكتابة حتى لا ينصرف الشيطان..!

ثبت فشل نظريتي.. لأنني الآن لا أكتب إلّا مع الاستعاذة.. ولم يتغيّر شيء.. والشيطان لم يكن معي.. بل لو كان معي حقيقة لأقنعني بأشياء أخرى توصلني إلى غاية الوصول في زمن لا يصل أحد إلى مبتغاه إلّا بإحدى أدوات الشيطان إن لم يكن كلّها..!

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك