الأخبار

علي البلاونة : قمة الرياض الأخوية

علي البلاونة : قمة الرياض الأخوية
أخبارنا :  

في السعودية قيادة جديدة ونوعية، عقلانية وذات رؤية استراتيجية، تبني علاقاتها ودول العالم الكبرى والاقليمية على قاعدة المصالح والمنافع المتبادلة، لا شيء مجاني في عالم السياسة وتعقيداتها، والرياض تمتلك أوراق فاعلة ومؤثرة عديدة منظورة وغير منظورة، وعليه يمكنها تغيير التوجهات، أو المشاركة في اعادة بناء التصورات، وأحيانا كثيرة تفرض تغييرها عندما تتقاطع مع ثوابتها السياسية والدينية والعربية والاسلامية.

الرياض مرجعية عربية ودولة قائدة ومحورية في السياسة الدولية والاقليمية والعربية، وهي تعيش أبها فتراتها، ديناميكية وفاعلية وتأثيرا، وفيها تعقد لقاءات دولية عديدة، ناهيك أنها أضحت قبلة الاستثمارات الشرق أوسطية.

وميزة الرياض قيادة وحكومة واضحة للجميع، مباشرة دون خوف أو وجل، تتمسك بمكانتها وجميع الاعتبارات السياسية الملازمة لهذا الدور والمعنى، ولكنها أيضا ليست انفعالية، وليست قصيرة الرؤية، بل على العكس من ذلك، لديها رؤية سعودية تعمل على انجازها، ولديها رؤية فيما يتعلق بثوابت الأمن العربي والاسلامي.

اجتماع القادة في الرياض يؤكد أن المملكة قوة استثنائية مهمة في بيئة اقليمية ودولية فيها قدر كبير من السيولة والفوضى في منظومة العلاقات الدولية، ودول العالم الكبرى تحسب حسابا كبيرا لدى تعاملها مع الرياض، ولا تمانع تلك الدول من مشورتها أو استمزاجها، وتحسب حسابا للخلاف معها.

قوة الرياض السياسية والاقتصادية كانت دائما عاملا ايجابيا للامن العربي، دعمت الرياض دول ومجتمعات ومواقف وقرارات وسياسات العديد من الدول العربية، وهي اليوم تواجه بحكمة سياسات الادارة الأميركية الجديدة، فسياسة المصالح تعلو على مختلف السياسات الأخرى.

الملك وخلال مقابلته الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لم يقبل وصفة ترامب، وأكد أن هناك خطة عربية تنطلق من الرياض، وأنه سيكون أمينا لمصالح شعبه، لقد كان ذلك قمة في الذكاء السياسي، في مواجهة ادارة متهورة فيها قدر كبير من الصلافة والغرور.

الملك وولي العهد في الرياض، في ضيافة قائد حكيم وواع وحازم ومتنور، يضع الأردن قيادة وحكومة وشعبا ضمن اهتماماته الرئيسة، كما أن النخب السياسية والاعلامية والأهلية السعودية والخليجية تنظر للاردن بعين الرضا والتقدير والاحترام.

السعودية مرجعية عربية واسلامية، وهي مرجعية أردنية وعمق استراتيجي وأمني للاردن والأردنيين، والدفاع عن المملكة العربية السعودية هو دفاع عن الاردن وأمنه واستقراره الاجتماعي والسياسي، وقيادته واضحة ومباشرة ولا تقبل غير الوضوح في تعاملاتها وهذا ما تجده في الملك وولي العهد الأمير الحسين.

تراجعات ترامب كنا على معرفة بها، لكنها تراجعات جاءت عقب وضوح السياسة الخارجية العربية، ووضوح أكبر في موقف المملكة العربية السعودية، فلا تهجير للفلسطينيين، ولا نكبة أخرى، ولا تطبيع دون دولة فلسطينية مستقلة بحدود 1967.

ادارة الرئيس ترامب لم تتوقع مواقف الدول العربية ولا موقف الملك عبد الله الثاني، رغم الضغوط الكبيرة التي حاولت ادارته ممارستها ضد الأردن، ومصر، والمبادرة العربية البديل الواقعي لخطة ترامب تقدم خيارا واقعيا للضفة وغزة، مع الأخذ بحدة المتغيرات الدولية والاقليمية.

السعودية اليوم دولة مؤثرة في صناعة الأمن والاستقرار الدولي والاقليمي، وفيها عقد لقاءات فنية روسية أميركية لحل الأزمة الأوكرانية، والسعودية اليوم تبذل جهودا في حل أزمة الملف النووي الايراني قبيل حدوث ما لا يحمد عقباه، حيث تقود المملكة اتصالات مع الادارة الأميركية والحكومة الايرانية في هذا الجانب.

السعودية داعم رئيس لاستقرار سوريا ولبنان بعد سنوات من الدمار والخراب والفوضى والتعطيل والاختطاف السياسي، والفقر والخراب الاقتصادي، والتهجير القسري، وهذا كله يصب في النهاية في تعزيز الأمن والاستقرار العربي، والأردني على الخصوص.

في حديث الملك والمتقاعدين العسكريين كان هناك أكثر من رسالة، ولعل من بينها الالتفاف الوطني حول القيادة وموقفها من خطة ترامب، وموقف واضح بأننا على استعداد تام للدفاع عن بلادنا اذا ما تطلبت الأمور ذلك، وأيضا موقف واضح من المتاجرين بالأوطان وأصحاب المواقف المبتورة ممن أدمنوا مهنة التخادم السياسي لصالح أجندات خارجية.

الأردن أقوى من امكاناته وكثيرا ما كان محورا في بناء السياسات الاقليمية، وله من الأصدقاء ما يجعله أكثر أمنا واستقرارا، وله أصدقاء داخل الادارات الأميركية، وقد سبق أن حذر الملك منذ احتلال العراق من أن ذلك سيكون له تداعيات وتأثير كبير على الأمن الاقليمي، وهو تمكين لايران وأدواتها، مع ضعف الردع الأميركي.

ما جرى ويجري هو نتاج لقرارات خاطئة يعترف بها الرئيس ترامب، وأن الادارات الأميركية السابقة لم تستمع للاصدقاء والشركاء في المنطقة، وأن على الادارة الأميركية أن تتحمل مسؤولياتها، لا أن تضاعف الفوضى وعدم الاستقرار، وأن تستمع لحكمة القادة وأن لا تفرض على المنطقة خيارات غير مسؤولة تكون نتائجها كارثية. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك