الأخبار

صالح الراشد يكتب : غزة.. للمجهول والبدايات الجديدة وأنتم سترحلون ونحن سنبقى

صالح الراشد يكتب : غزة.. للمجهول والبدايات الجديدة وأنتم سترحلون ونحن سنبقى
أخبارنا :  

صالح الراشد

تمت الهدنة وتوقف العدوان وبدأت رحلة العودة صوب الشمال وبقية المناطق، رحلة صوب المجهول للبحث عن مستقبل مرهون بحكومة صهيونية تبحث عن إثارة الفوضى والمزيد من القتل والدمار وحرب جديدة، مستقبل قد يتغير في حال إطلاق أي صاروخ حتى بطريقة الخطأ، لتكون رحلة العودة محفوفة المخاطر كما كانت رحلة النزوح، مع اختلاف في الفعل والشعور ففي رحلة النزوح كان الخوف من الموت وفي رحلة العودة كان الرعب من المشهد المتوقع ليرافق ألم العودة الجميع متجاوزاً الفرح، فالبيوت مدمرة والرفاق استشهدوا والملاعب اختفت والأشجار أحرقت ولم يبقى من المنظر الماضي الجميل إلا صور تحفظها الذاكرة، لتكون دموع العودة أكثر قهراً وألماً من دموع الخروج بعد أن علا جرح المنظر على خيالات الأمل والحلم.

نعم، توقف العدوان وحان وقت الاستعراض أمام العالم لتجاوز الوجع قبل صناعة النصر بالبقاء، وطغى على المشهد رحيل قيادات صنعت إسم حماس وغادرت باغتيالات مريبة في طهران وبيروت وغزة، ليكون الاستعراض العسكري أكبر من المتوقع، وهو ما كان يتخوف منه الكثيرون حتى لا يكون رد الفعل الصهيوأمريكي أشد، ليكون الاستعراض بحجم الوجع وامتداداً لقوة الصمود ومحاولة جسورة للتغطية على جراح لن تندمل، فالموت انتشر بقسوة بين المدنيين والمقاومة وطُرق الإمداد العسكري أغلقت بعد تحجيم إيران، والسند توقف في ظل تراجع حزب الله وارتج باب المندب المُغلق حوثياً في وجه الصهاينة والذي تلقى هجمات غربية متلاحقة، ولم يبقى إلا باب الله الذي لا يُغلق في وجه عبيدة المخلصين.

الحصار على غزة اكتمل أو هكذا يظن قادة الكيان الصهيوني وربما يحلمون بأكثر من ذلك بالتمدد للبعيد كما فعلوا بسوريا، وقد يتعاملون مع غزة على الطريقة اللبنانية بتقليص قوتها وإغلاق طرق الإمداد إليها، وحينها تتولى الإدارة جهات أخرى على أن تكون المقاومة في الظل ويتم محاسبة النظام الذي عليه محاسبة المقاومة، لتتولد أنظمة تقاتل بالنيابة عن جيش الكيان حسب الطريقة الأمريكية في فيتنام واللجوء لمبدأ نيكسون أو مبدأ غوام وهو ما يعرّف أيضاً بـ"الفتنمة"، وتعنى الاعتماد على الحلفاء المحليين أو الإقليميين لتحقيق الأهداف القذرة، وتجنب المواجهات العسكرية المباشرة .

لقد ظهرت المقاومة في يوم الهدنة بأبهى صورة وكأننا نُشاهد "زريف الطول" من جديد، وهو ينشر المقاومة ويرفع لواء التحدي غير خائف من تجمّع الاعداء وسلاحهم، لقد ظهر في الاستعراض الجيل الفلسطيني القادم المحمل بالعزيمة والتحدي ولا يرهبهم الموت بعد أن قتل الكيان أسر العديد منهم، ليتركهم أيتام يُصارعون الحياة معتقداً ان هذا الوضع سيدخل الرعب في قلوبهم وأن المجتمع الفلسطيني سيدير إليهم ظهره، كونهم يجهلون الشعب الفلسطيني الذي سيحتضنهم ويعمل على إسعادهم أكثر من أبنائه، ويدرسهم جرائم الاحتلال في غزة لينتج جيلاً من الأطفال لا يحملون إلا هدف وحيد وهو التخلص من الصهاينة وإعادتهم من حيث جاؤوا بتوابيت أو هاربين.

آخر الكلام:

‏"في اليوم الأخير من (حرب فيتنام)، كان هناك ضابطان برتبة عقيد، أمريكي وآخر من شمال فيتنام. حينها قال الأمريكي للفيتنامي: (في كل الحرب نحن لم نخسر في معركة واحدة)، ليردّ عليه الأخير: (قد يكون هذا صحيحا، لكن في صباح الغد، أنتم ستغادرون ونحن سنبقى)".

مواضيع قد تهمك