الأخبار

محمد يونس العبادي : الهم الثقافي

محمد يونس العبادي : الهم الثقافي
أخبارنا :  

لربما لا يعاني قطاع في وطننا من ترف الإهمال كالثقافة في ضوء سلم الأولويات المثقلة، ولربما لا يوجد قطاع يخبو وبات مريدوه قلة كالثقافة في جوانبها كافة. وأن آخر لقاء جمع المثقفين برئيس وزراء كان في عهد حكومة عمر الرزاز والتي مضى على رحيلها سنوات وتسجل له نقطة في سجل حكومته عندما التقى بهذه الشريحة.

فالثقافة سواء في إطارها الإداري وهي » الوزارة»، وقد حان الوقت لإيجاد صيغة جديدة في علاقة المثقف بوزارته ودولته وتجاوز المفاهيم التقليدية في آلية دعم المثقف وضرورة الخروج إلى فضاءات المشروعات الكبرى التي من شأنها أن تعود بالنفع على الوطن ومنتجه الفكري وتستحضر وتبني في خيال العامّة القيم التي من الواجب إنتاجها، وفي الإطار الإعلامي «الملاحق الثقافية» وصحفنا ومواقعنا الإلكترونية باتت تخبو شيئاً فشيئاً، حتى الصحفيون المشتغلون بالهم والمشهد الثقافي باتت أعدادهم تقل.

هذه الحالة يضاف لها إنشغال وقلة زائري منابرنا الثقافية، ألا تنبأ أو تشير إلى أننا تجاوزنا في هذا القطاع مرحلة الإهمال إلى ترفه ! وألا تقرع جرس الإنذار أننا بتنا أمام حالة من القصور الثقافي، وغياب الكاتب والمبدع والشاعر والفنان عن المشهد المكتظ بتفاصيل يوميات الأردنيين بدءاً من وسائل التواصل الاجتماعي و ليس إنتهاء بالمنبر.

ودع عنك منتجات ومهرجانات تتستر بغطاء الثقافة لتخفي في باطنها الغناء والشكل، فليست هذه من الثقافة سوى قشورها، إن لم تكن حتى لا تشبهها في شيء!

إن الثقافة اليوم في وطننا باتت بحاجة إلى وقفة أسوة بقطاعات أخرى كالاقتصاد والزراعة والصناعة وغيرها، وتأمل المشهد الذي يشير إلى أن منتدياتها ودور نشرها وهمومها والمشتغلين بها باتوا كجزرٍ متباعدةٍ لا يصل بينها شيء، فإلى متى سنبقى نتجاوزها كونها ترفا، ووصلت إلى حالة من التفنن في ترف الغياب!

أمام هذا المشهد وجب علينا أن نقدم باقتراحات بدءاً بعملية عصف ذهني ينتدي فيها جمع من رموزها وأهلها، في مؤتمر أو لقاء أو خلوة، ولزم إعادة تقييم التجربة الأردنية وما تحمله من وجدان ومنتج أدبي وفكري، ومحاولة وضع الإرهاصات لإعادة بث الحياة في المشهد وحاجاته؛ فالحوار بحد ذاته ضرورة في ظل سنوات من الركود ووضع صوت المثقف وهمومه وما يكنزونه من رؤى على طاولة البحث وكذلك بات لزاماً إعادة تقييم تجربة مديريات الثقافة في المحافظات، والخروج بأفكار كبيرة توازي القطاعات الأخرى التي تتقدم شيئاً فشيئاً.

وطرح الحلول العملية لمعالجة الهم الثقافي لا يأتي بقرار، بل يأتي بأفكار، تستقطب جيلاً بات يغيب عن المشهد الثقافي، وإن حاول أن يجتهد أو يصنع تجربته فإنه يواجه جيلاً ما زال يفكر بالأدوات القديمة، حتى وصلنا إلى مرحلة غياب الجمهور أو المتلقي.

فنضارة المشهد بحاجة إلى أن نلتقي وننتدي ونخرج بما يحمل الهم الثقافي إلى أن يعود في الصدارة، فالأردن في تكوينه وشكله لا يليق به إلا صورة المثقف الناصعة!

مواضيع قد تهمك