في عالم يزداد تعقيدًا وتناميًا في الاحتياجات الرقابية والإدارية، أصبح تطبيق مبادئ الحوكمة أمرًا أساسيًا لتطوير المؤسسات وتحسين أدائها. وفي الأردن، يُعد ديوان المحاسبة إحدى الركائز الأساسية في الحفاظ على المال العام وضمان النزاهة والشفافية في المؤسسات الحكومية.

تشير الحوكمة إلى مجموعة من القواعد والإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، المساءلة، والمشاركة في اتخاذ القرار داخل المؤسسات. وتطبيق الحوكمة في الأجهزة الرقابية مثل ديوان المحاسبة يحقق تكاملًا بين الإدارة الرشيدة والعمل الرقابي، مما يُسهم في تحسين أداء المؤسسات الحكومية ورفع مستوى الثقة العامة.

فتعد الشفافية والمساءلة من أهم ركائز الحوكمة. فمع تطبيق الحوكمة في ديوان المحاسبة، يتم تعزيز قدرة الديوان على مراقبة أداء المؤسسات الحكومية والتحقق من سلامة استخدام الموارد العامة. كما يتيح ذلك للديوان تقديم تقارير دقيقة وواضحة تُمكن أصحاب القرار والمواطنين من الاطلاع على الأداء الحكومي.

ومن خلال تطبيق الحوكمة، يعتمد الديوان على معايير موحدة في إجراء عمليات التدقيق والمراجعة. وهذا يُسهم في رفع مستوى الكفاءة والفعالية في الكشف عن المخالفات المالية والإدارية ومعالجتها بشكل أسرع وأكثر دقة.

فإن تبني نظام حوكمة قوي يساعد في تحديد نقاط الضعف في النظام المالي والإداري، مما يسهل اكتشاف التجاوزات ومعالجتها قبل أن تتحول إلى قضايا فساد كبرى. ويُعزز ذلك من دور الديوان كجهة رقابية مستقلة تعمل على حماية المال العام.

وعندما يتم تطبيق الحوكمة بفعالية، تتعزز ثقة المواطنين في ديوان المحاسبة والمؤسسات الحكومية بشكل عام. إذ يرى المواطنون أن هناك جهة مستقلة تعمل بشفافية لضمان تحقيق العدالة والإنصاف في استخدام الموارد.

فتطبيق الحوكمة يجعل ديوان المحاسبة قادرًا على التوافق مع أفضل الممارسات الدولية في مجال الرقابة المالية. وهذا يُحسن من سمعة الأردن على المستوى الدولي ويزيد من فرص التعاون مع المنظمات الدولية الداعمة لتطوير القطاع الرقابي.

نماذج عملية لتطبيق الحوكمة في الديوان • اعتماد نظم الحوكمة الرقمية: من خلال استخدام تقنيات حديثة لتحليل البيانات ومتابعة الأداء المالي، يمكن للديوان تحسين قدرته على كشف المخالفات واتخاذ قرارات مستنيرة.

• التدريب وبناء القدرات: تطبيق الحوكمة يتطلب تأهيل الكوادر الرقابية لتكون قادرة على التعامل مع التحديات المعاصرة في العمل الرقابي.

تحديات تواجه تطبيق الحوكمة رغم الفوائد الكبيرة لتطبيق الحوكمة، إلا أن هناك تحديات قد تواجه ديوان المحاسبة، مثل: • مقاومة التغيير داخل بعض المؤسسات.

• نقص الموارد المالية والبشرية اللازمة لتطوير أنظمة الحوكمة.

• الحاجة إلى إطار قانوني أكثر دعمًا لتعزيز استقلالية الديوان.

فإن تطبيق الحوكمة في ديوان المحاسبة الأردني يمثل خطوة استراتيجية نحو تحقيق الشفافية، تعزيز المساءلة، ورفع كفاءة العمل الرقابي. ومع تضافر الجهود بين الديوان والحكومة والمجتمع، يمكن أن يتحول ديوان المحاسبة إلى نموذج يحتذى به في المنطقة في مجال الرقابة المالية والإدارية.

QOSAI90J@GMAIL.COM