كمال زكارنة يكتب : ماذا تخطط اسرائيل لسوريا؟
كمال زكارنة.
عندما توغل جيش الاحتلال الاسرائيلي في الاراضي السورية بعد الثامن من الشهر الماضي ،ظن البعض انه فعل ذلك لاسباب امنية فقط،وصدق البعض الاخر نتنياهو وحكومته بأن الجيش سوف ينسحب بعد اكمال مهمته الى مواقعه قبل التوغل ،لكن الاهداف التي بدأت تتضح ،والتي كانت واضحة للكثيرين، ليست مهمات استطلاعية ولا امنية آنية ،بل عميقة وبعيدة المدى واستراتيجية .
الاهداف والخطط الاسرائيلية التي تتناولها وسائل اعلام الكيان ،والتي تتسرب من حكومة الاحتلال ،في غاية الخطورة ،وتضع الادارة السورية الجديدة امام مسؤولية وطنية كبيرة جدا،لان التوغل واحتلال الاراضي السورية من قبل اسرائيل حصل في عهدها واثناء سيطرتها على سوريا .
وتتمثل تلك الاهداف والخطط في ثلاثة محاور رئيسية ،الاول، تقسيم سوريا الى كانتونات صغيرة متناثرة ومتناحرة ومتصارعة ،بحيث تبقى سوريا دولة ممزقة مفسخة ضعيفة فقيرة في وضع اقتتال داخلي مستمر وصراع على السلطة ،وساحة مفتوحة وجاذبة للتدخلات الخارجية ،ومسرحا للصراع الدولي بأدوات سورية.
المحور الثاني ،احتلال اسرائيل اراض سورية جديدة بعمق خمس عشرة كيلومتر بشكل دائم وعدم الانسحاب منها ،وانشاء ترتيبات امنية جديدة بحجة حماية الامن الاسرائيلي الداخلي.
المحور الثالث ،فرض السيطرة الاستخبارية الاسرائيلية على الاراضي السورية بعمق ستين كيلومترا ،واذا علمنا ان المسافة بين محافظة القنيطرة ودمشق 67 كيلومترا ،فان اسرائيل سوف تسيطر استخباريا من الناحة العملية على الاراضي السورية من الجولان حتى دمشق التي ستشملها السيطرة الامنية.
هذا المخطط الاحتلالي الجديد الذي تعده حكومة الاحتلال ضد سوريا ،وبدأت عمليا بتنفيذه على الارض ،والذي يضمن للكيان ايضا السيطرة على موارد المياه السورية في تلك الاراضي المحتلة عسكريا واستخباريا، ،من سدود وانهر ومياه جوفية وينابيع وعيون وجداول واودية وروافد وغيرها،سوف يضع سوريا تحت الاحتلال الاسرائيلي بشكل مباشر وغير مباشر عسكريا وامنيا ،اذا نجح .
المطلوب من الادارة السورية الجديدة، ان تعي بأن التوغل والاحتلال الاسرائيلي الجديد للاراضي السورية،ليس سياحة ولا نزهة ،بل هو توسع جغرافي اسرائيلي على حساب الاراضي السورية ،والسيطرة على مواردها المائية والزراعية وغيرها واستثمارها واستغلالها،ولم يحدث ان احتلت اسرائيل اراض عربية وانسحبت منها الا بالقوة والمقاومة.
وتستطيع الادارة السورية الجديدة، في هذا الوقت الذي تتهافت فيه الوفود العالمية على دمشق،ان تطرح قضية الاحتلال الاسرائيلي الجديد للاراضي السورية ،وعودة جيش الاحتلال الى مواقعه التي كان فيها قبل التوغل والاحتلال الجديد،وان يكون ذلك مطلبا قويا امام المجتمع الدولي .
الاجراءات والاعمال التي يقوم بها جيش الاحتلال في الجنوب السوري ،تؤكد ان الاحتلال الاسرائيلي دائم وليس مؤقتا،وقد يستمر عقودا قادمة ،اذا استمر الصمت السوري على وجوده.