اسماعيل الشريف يكتب : انهيار نظام الأسد.. عشرون سبباً
الديكتاتورية تنهار تحت ثقل ظلمها عندما يتجرأ المظلومون على الحلم بالحرية – مانديلا
في عام 2003، اجتمع وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك، كولن باول، مع بشار الأسد، مقدّمًا قائمة بمطالب أمريكية لم تتضمن أي دعوة لنشر الديمقراطية، أو تعزيز حقوق الإنسان، أو إرساء الحرية، أو حتى تخفيف القبضة الأمنية على الشعب السوري. انحصرت المطالب في طلب واحد محدد: «لا تدعم المقاومة»!
لم يستجب الأسد لهذا الطلب الوحيد، ففرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على سوريا. استفاد النظام وحاشيته من تلك العقوبات، بينما دفع الشعب السوري أثمانًا باهظة. كانت تلك اللحظة بداية النهاية الحقيقية للنظام.
ولكن، هل تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية انهيار النظام باعتباره نظامًا عروبيًا مقاومًا؟ أم أن انهياره كان نتيجة طبيعية لاستحالة استمرار الحكم الظالم إلى الأبد؟
في عام 2016، وبعد أن فرض الأسد سيطرته على معظم مناطق سوريا، أضاع فرصة ذهبية للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، مفضلاً الارتهان للخارج عبر الروس والإيرانيين. ورغم أنهم أثقلوا كاهله، إلا أنهم ساهموا في تأخير سقوطه، وكان بحاجة إلى دفعة صغيرة فقط ليسقط.
حددت عشرين سببًا لانهيار نظام الأسد:
1 - التناقض الجوهري بين مبادئ حزب البعث التقدمية (الوحدة، الاشتراكية، تحرير فلسطين) ونظام ديكتاتوري فاسد عائلي قائم على حكم الأقلية.
2 - فقدان الدعم الشعبي، خصوصًا من الفقراء، بسبب سياسات اقتصادية رأسمالية زادت الفجوة الطبقية وكرّست الفساد.
3 - تبعات اغتيال رفيق الحريري، ورغم انه لم يتم تحميل سوريا المسؤولية المباشرة، الا انها أدت إلى عزلها عربيًا وخروجها من لبنان.
4 - ضعف ثقة إيران بالنظام نتيجة محاولاته التقارب مع الولايات المتحدة على حسابها، عبر وساطة دول عربية، مقابل رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية.
5 - غرور بشار الأسد وابتعاده عن الشعب أثناء الثورة، وهو ما تجلى بوضوح في لغة جسده، وعدم تفاعله مع شعبه، وافتقاده للكاريزما، إلى جانب خطاباته الطويلة والمملة، وعدم وجود رئيس عربي صديق له.
6 - هو زعيم غير أيديولوجي، مما أبرز تناقضاته مع القومية العربية وممارساته المناقضة للقضية الفلسطينية، كطرد حركة حماس وحصار مخيم اليرموك .
7 - لم يتخذ أي خطوات لاسترجاع الأراضي السورية المحتلة، خلافًا للدول العربية التي استعادت أراضيها بالقوة أو بالمفاوضات. في المقابل، أظهر وحشية شديدة في قمع الداخل، مما أفقد الشعب الثقة بجدية النظام في استرجاع الجولان وولد كراهية إضافية تجاهه.
8 - التصفيات الوحشية للمعارضين والمنشقين واي منتقدين للنظام، التي أفقدت النظام شرعيته داخليًا وخارجيًا.
9 - التنافس الداخلي بين ميليشيات النظام، بجانب النفوذ الإيراني والروسي، مما أضعف المؤسسات العسكرية.
10 - الإرهاق العسكري الناجم عن الحرب الأهلية الطويلة.
11 - انهيار الاقتصاد وانخفاض قيمة الليرة السورية.
12 - العزلة الدولية والعربية بفعل العقوبات الاقتصادية.
14 - رفض مبدأ التوريث في الأنظمة الرئاسية الثورية، مما أثار سخطًا شعبيًا.
15 - فقدان السيطرة على الموارد الحيوية مثل حقول النفط والغاز والأراضي الزراعية.
16 - ظهور معارضة متماسكة .
17 - تحوّل سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة بسبب التنافس الإقليمي والدولي.
18 - تأثير الحرب الروسية الأوكرانية وتغير الموازين الدولية.
19 - رغبة تركيا في تعزيز نفوذها وإعادة اللاجئين السوريين.
20 - الانقسام داخل النخب الحاكمة، مما زاد من ضعف النظام.
لا شك أن الولايات المتحدة تسعى لاستغلال سقوط نظام الأسد لإضعاف سوريا وإغراقها في صراعات داخلية، كما حدث في دول الربيع العربي، لضمان تفوق الصهاينة كقوة مهيمنة في المنطقة.
لكن عند مقارنة سوريا قبل الأسد وبعده، نجد أنفسنا أمام خيارين: السيئ والأسوأ.
وبعيدًا عن العواطف، يلحّ عليّ دائمًا هذا السؤال: هل الأنظمة العربية الديكتاتورية الفاسدة، التي تقتل شعوبها وتقمع ها وتحكمها بالحديد والنار، تمتلك حقًا القدرة على تحرير فلسطين؟ أم أننا نغض الطرف عن تصرفاتها لأن الغاية تُبرر الوسيلة؟
ــ الدستور