اسامة الرنتيسي يكتب : متى نتخلص من “خليها لبكرة وبنشوف..”؟!
قد لا يمتلك أي سياسي أو خبير أو مفكر استراتيجي الإجابة على سؤال الأردنيين الدائم: "وين رايحة البلد…” وهذا الواقع متناغم مع الحالة السياسية، والعامة، وأيضا الخاصة في البلاد التي تعمل ضمن نظرية "خليها لبكرة..”
و”خليها لبكرة” نظرية من لا يعرف ماذا يفعل في أية قضية تطرح أمامه، وتسمعها من المستويات كافة، ومن شتى المتفائلين والمتشائمين.
إذا أردت طلبا من صديق في أية قضية كانت، خاصة أم عامة، ولم تكن لديه إجابة شافية، يرد عليك بقوله: "خليها لبكرة وبنشوف..”
إذا وعدك مسؤول أو أي شخص لك عنده حاجة وطلبت منه المساعدة، ولا يستطيع تلبية طلبك، ولا يريد أن يعترف بعدم إمكانه تلبية ذلك، فإنه ينسحب بوعد "خليها لبكرة…”
و”خليها لبكرة..” تسمعها من الوزير والسياسي والاقتصادي ورجل الشارع وحارس العمارة، وتُسمعها أنت لزوجتك وأولادك وللبقال الذي تستدين منه، ولمحاسب المدرسة الذي لم تستطع أن تسدد له باقي أقساط أبنائك…
الحكومة أيضا تعمل ضمن نظرية "خليها لبكرة”، لأنها فهمت الطلب المَلِكي من الوزراء والمسؤولين بضرورة التواصل مع الناس، وعدم البقاء في المكاتب، بأن العمل الحكومي أصبح في الهواء الطلق.
ما بين "خليها لبكرة” و”وين رايحة البلد”، تشاهد حجم التجهم على وجوه الناس، وترى الترقب في الأعين، والقلق من بكرة، والحيرة في الإجابة عن المستقبل.
"وين رايحة البلد” سؤال تصعب الإجابة عليه في ظل الحرب المستعرة على غزة ولبنان وانعكاساتها وارتداداتها علينا، أقلّها حركة لجوء جديدة، ومستقبل غامض للضفة الغربية.
ولا في الحرب التي تخوضها قواتنا المسلحة في الشمال ضد عصابات الإرهاب والمخدرات، ولا كيف سيكون الوضع في العراق إذا وسع النتن ياهو حربه عليها كما يخطط، ولا أين ستفر عناصر الحشد الشعبي.
"وين البلد رايحة” في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها الأردنيون، وإحساسهم ببخل الأشقاء والأصدقاء، الذين لا يُقدِّرون الأحوال الأردنية، وصعوبة الحياة التي يمرون بها، بعد ان دفعوا فواتير كثيرة في الأزمات التي تعصف في المنطقة.
وفي ظل انتظار طبيعة العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهل ستكون الجلسات برلمانية أم مشاحنات ومشاجرات، أو تقريص بين الحكومة والنواب، واستعارة مواقف سابقة للوم والتذكير.
"وين البلد رايحة” بعد أن أصبح شعار الشباب الأردنيين أن أفضل طريق لبناء المستقبل، هو طريق المطار، والهجرة إلى المجهول، لعل وعسى يتم العثور على فرصة للحياة والعمل والأمل.
أقول لكم: "خلوها لبكرة..”
والدايم الله…
ــ الاول نيوز