الأردن يكتب فصلا جديدا بمكافحة العنف ضد المرأة
مع بداية حملة "16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة"، التي تصادف اليوم،
تتزايد الجهود الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة بجميع أشكالها والتي تؤثر سلبا
على المجتمع والاقتصاد.
وبالتزامن مع خطط عديدة تهدف إلى الوقاية
والاستجابة للعنف، وتمكين المرأة اقتصاديا ومجتمعيا يؤكد متحدثون لوكالة
الأنباء الأردنية (بترا) أن الأردن كتب فصلا جديدا بمكافحة العنف ضد
المرأة، مشيرين الى الفريق الوطني لحماية الأسرة من العنف/ المجلس الوطني
لشؤون الأسرة الذي يعد خطة عمل خمسية للفترة 2025-2030 تهدف إلى الوقاية
والاستجابة لمختلف قضايا العنف، بموازاة إطلاق نظام "أتمتة إجراءات التعامل
مع حالات العنف" بالتعاون منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وصندوق
الأمم المتحدة للسكان بهدف بناء قاعدة بيانات وطنية لتسجيل حالات العنف،
وبما يسهم في رسم سياسات وبرامج تُعنى بالعنف ضد المرأة.
وأكدوا أن
التصدي لهذه الظاهرة يتطلب تغييرا في الثقافة المجتمعية والتربوية، ووضع
سياسات وبرامج تدريبية وترسيخ ثقافة حل النزاعات الأسرية بطرق سلمية،
وتغيير المفاهيم التي تحرض على العنف، وضمان مشاركة أكبر للنساء في الحياة
الاقتصادية.
أستاذ الإعلام الرقمي الدكتور محمود الرجبي، قال، إن
الإعلام يلعب دورا محوريا في تشكيل الرأي العام وتوجيه السلوكيات، حيث
تستخدم وسائل الإعلام لترويج صورة نمطية عن المرأة، ما يساهم في ترسيخ
ثقافة العنف ضدها، والأصل أن يساهم بشكل فعال في تقديم محتوى إيجابي يعكس
دور المرأة الفاعل في المجتمع، وتوعية الجمهور بأخطار العنف وآثاره
السلبية، بالإضافة لدوره في تشجيع الضحايا على التحدث والتقدم بشكاوى.
وبين
أن مكافحة الظاهرة تتطلب تضافر جهود جميع أفراد المجتمع والمؤسسات والعمل
معا، وتعزيز الشراكة مع مختلف القطاعات، واستخدام البيانات والأبحاث لتطوير
برامج وسياسات فعالة، وتغيير التشريعات والقوانين لضمان حماية أكبر للنساء
من العنف.
من جانبها، لفتت المختصة في قضايا الإصلاح الأسري المحامية
آسيا السعود، إلى أهمية أن نوضح للزوج دور المرأة المحوري في بناء الأسرة،
وأثر تعنيفها السلبي على الأطفال، وضرورة توعيته بحقوق المرأة والاهتمام
خاصة نفسيا لأن استقرارها النفسي ينعكس بشكل مباشر على الصحة النفسية
للأبناء سواء أكانوا أطفالا أو مراهقين، أو بالغين.
مديرة مركز
الأميرة بسمة لدراسات المرأة الأردنية في جامعة اليرموك الدكتورة بتول
المحسين دعت الى زيادة الوعي بالظاهرة، والتركيز على الحلول الوقائية لمنع
أو تقليل العنف، خاصة أن بعض مظاهره مترسخة في التقاليد والأعراف.
وأشارت المحيسن إلى اقتراحات توصل إليها المركز؛ مثل وضع سياسات وبرامج
تدريبية لمنع العنف من خلال ترسيخ ثقافة حل النزاعات الأسرية بطرق سلمية،
وتغيير المفاهيم التي تحرض على العنف، وتنفيذ سياسات وبرامج تربوية لتمكين
الإناث وتعزيز ثقتهن بالنفس وتقوية احترام الذات، باعتبارهن الحلقة الأضعف
في المجتمع وإدخال مفاهيم العنف وأسبابه وآثاره في المناهج الدراسية.
وأكدت
أهمية رفع الوعي القانوني لدى النساء وتعريفهن بحقوقهن القانونية، كمواد
قانون العقوبات الأردني التي تجرم العنف، خاصة المادتين 333 و334 رقم 16
لسنة 1960، مشيرة الى ضرورة إنشاء مراكز متخصصة لضحايا العنف لتقديم
الإرشاد القانوني والنفسي.
من جهتها قالت المديرة التنفيذية في
جمعية (نافي) رانيا الحيوك، إن الجمعية تعمل مع المؤسسات الحكومية
والمنظمات غير الحكومية بهدف الحد من الظاهرة، من خلال اعتمادها
استراتيجيات مبتكرة تشمل تنظيم ورش عمل، ومؤتمرات توعوية، وتقديم الدعم
الفني والتدريب للعاملين في المؤسسات الشريكة لتعزيز قدراتها في التعامل مع
قضايا العنف.
ويؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن العنف يتسبب
بتعطيل مشاركة النساء في سوق العمل، إذ تشير الإحصائيات إلى أن النساء في
الأردن يتغيبن عن العمل بمعدل يصل إلى 11.5 يوم سنويا بسبب العنف الزوجي،
ما يشكل خسائر اقتصادية كبيرة.
وأشار الى أن تكلفة العنف ضد المرأة
يتراوح بين (0.4- 1) بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل ما
بين (145 - 250 مليون دينار) سنويا، لافتا أن الفجوة في الأجور التي تصل
إلى 16 بالمئة في القطاعين العام والخاص لصالح الرجال، وارتفاع معدلات
البطالة بين النساء التي تصل إلى 33 بالمئة، لا يمكن فصله عن مظاهر العنف
ضد المرأة.
ولفت عايش، إلى ضرورة الحد من الظاهرة عبر مراجعة
القوانين والتشريعات التي تميز ضد المرأة، وتحسين البنية التحتية للنقل
لتسهيل وصول النساء إلى أماكن العمل، وتطوير أنظمة قانونية تسهل عملية
التقاضي السريع في قضايا العنف، وتعزيز المساواة في الأجور وإجازات العمل
بين الجنسين، وتقديم دعم أكبر للمتزوجات لتمكينهن من الانخراط في القوى
العاملة، مشددا على أن التصدي للظاهرة يتطلب تغييرا في الثقافة المجتمعية
والتربوية، وضمان مشاركة أكبر للنساء في الحياة الاقتصادية، ما يساهم في
تحسين رفاهية الأسرة والمجتمع ككل.
--(بترا)