ابراهيم عبد المجيد القيسي : مع ترمب الصورة أوضح
ولاية بايدن؛ أثخنتنا خيبات وقدمت لنا صورة شديدة الوضوح عن موقفها من الجرائم بحقنا، وقبلها كانت ولاية «ترمب العنصري» الأولى، كادت أن تنهي الصراعات كلها حسب الأجندة الصهيونية، وكلنا يتذكر صفقة القرن، التي شرعوا في تنفيذها، وحال نجاح بايدن برئاسة أمريكا دون تنفيذها حسب رؤية «كوشنير- نتنياهو»، لكن جاء بايدن وقدم ترجمة صادمة لصفقة القرن كما نعلم، وأصبح موضوع إحكام قبضة اسرائيل على المنطقة واعتبارها القوة الدفاعية والاقتصادية الحاسمة في «الشرق الأوسط الجديد»، خطابا ومطلبا أمريكيا استراتيجيا، دون أدنى مراعاة لرأي العرب شعوبا وقبائل وأنظمة سياسية ودساتير وقوانين وديكتاتوريات وديمقراطيات، بل وقامت إدارة بايدن بتقديم «الحديد والنار» للمجرمين الإسرائيليين، وتنفيذ حرب إبادة، وقدم بايدن دعما متعدد الأشكال لذراعهم التوسعية الإرهابية..
مع «ترمب2» لا بد سنحظى بصفقة القرن 2، وكلنا يعلم بأن الجمهوري والديمقراطي في أمريكا، معنيان بشركتهم المسماة إسرائيل، ولا يمكنهما التراجع عن دعمها بكل الطرق ودون تحفظات ولا مراعاة لقانون ولا أخلاق من أي نوع، وقد تعهد ترمب العنصري للوبي الصهيوني أن يعمل على «توسيع مساحة اسرائيل»، وكذلك وعد الديمقراطيون، ولأنني أرجح فوز ترمب العنصري، ولا أفاضل بينه وبين منافسته في الانتخابات «المعلمة»، وهو ما أطلقته على نفسها من وصف في إحدى المقابلات التلفزيونية، فيما يتعلق بمصالحهم وحمايتها، إلا أن ترمب العنصري مباشر وواضح، ولا يهادن أو يداهن، وهو المكمل المطلوب لنتنياهو، وقد سبق وشاهدنا حالات كبيرة من هذا الانسجام، الذي يكشف «قلة حيلة» الاستراتيجيات الأخرى، ولا يعترف بالديبلوماسيات، ولا بالحلفاء من أي نوع، إن كانت القصة تتعلق بما تريده اسرائيل.
نحن في الأردن؛ أكثر الأطراف المتضررة من القضية الفلسطينية كما نعلم، وأكثر الجهات المرشحة لمزيد من أزمات على خلفية «توسعة إسرائيل»، وستصبح مصطلحات وتصنيفات «ترانسفير ووطن بديل.. ومترادفاتها»، مفردات في خطاب أردني قديم، مقارنة مع «توسعة إسرائيل»، و»حسم الصراعات على الحدود الإسرائيلية»..الخ مفردات الخطاب الإسرائيلي الجديد، فهل نحن مستعدون أو قادرون على التعامل مع هذه المرحلة؟.. أم سينحصر أملنا في أن تكون هاريس هي رئيسة أمريكا، لنتمكن من استخدام خطاب ديبلوماسي آخر، مع تمام علمنا بأنه سيكون مجرد خطاب لا تعتمده أمريكا ولا هاريس أمام مصالح وأمن اسرائيل؟!
الوضع واضح ومعروف، وليس بالجديد في تاريخ الاستعمار والاحتلال، ويلزمنا أن نلتزم بموقف وخطاب واضح، وأن تكون خياراتنا استراتيجية، تناهض الاحتلال وتدافع عن المملكة الأردنية الهاشمية وأراضيها وشعبها ومواردها وموقعها.. فكل الملفات الأخرى «صغيرة» مقارنة بهذا الملف التوسعي الخطير، الذي تبناه العنصري ترمب، ولن يقف طويلا أو يفكر كثيرا في اختيار خطاب رقيق لتنفيذه.
«كلشي واضح» ولا يحتاج الأمر ذكاء.
ــ الدستور