الأخبار

د. محمد الرصاعي : حديث في الانتخابات

د. محمد الرصاعي : حديث في الانتخابات
أخبارنا :  

مارس الأردنيون في العاشر من الشهر الحالي استحقاقاً دستورياً تمثل في انتخابهم عبر صناديق الاقتراع ممثليهم في المجلس العشرين، وقد تمت هذه العملية وفق مسارين حددهما قانون الانتخاب؛ الأول الاقتراع على مستوى الدوائر المحلية، واعتمد تشكيل قوائم انتخابية من ضمنها مرشحة من النساء على أساس الكوتا، وقد اصطبغ هذا المسار بصبغة عشائرية ومناطقية اعتاد عليها الأردنيون في الدورات النيابية السابقة، في حين كان المسار الثاني هو الاقتراع على مستوى قوائم وطنية تشكلت استناداً إلى قواعد حزبية، وقد وصل إلى نهاية هذا المسار واحد و?ربعون نائباً ذوو مرجعيات حزبية.

من الواضح أنَّ قانون الانتخاب الجديد والمستند لمبادئ التحديث السياسي يدفع بالناخب الأردني نحو الانتخاب على أساس حزبي بعيداً عن تجاذبات العشيرة والحسابات الضيقة، ولكن بصورة متدرجة وصولاً إلى مجلس نيابي منتخب برمته على أساس حزبي، وهذا ما ينسجم مع أصول ومبادئ الديمقراطية الحقيقية وآليات تحقيقها، فالحزب وحدة سياسية قادرة على تشكيل نخب سياسية واجتماعية تأتلف حول أساس فلسفي ومعرفي لإدارة شؤون الدول والمجتمع، وتطرح استنادا له برامج ترى أنها الأفضل لإحداث تطوير وتحديث على جميع الصعد. في حين أنَّ العشيرة وحدة اجتماعية تعنى بتوطيد العلاقات الاجتماعية وتعزيز التواصل الإيجابي بين أفرادها والجماعات الأخرى في المجتمع، إلى جانب تنظيم الفعاليات الاجتماعية، وتوجيه الاهتمام والرعاية نحو بعض الفئات والأفراد المعوزين من بين أفراد العشيرة، كدعم طلبة العلم والعمل على توفير فرص تعلم مناسبة لهم، حيث عمدت بعض العشائر الأردنية لإنشاء صندوق لدعم طلبة الجامعات وتأمين رسومهم الدراسية، وكذلك تأمين العائلات الفقيرة بدخول مالية تسد عوزها.

لقد تكلف المرشحون للانتخابات على أساس مناطقي وعشائري تكاليف مالية باهظة كان الأولى أن توجه للتنمية الاجتماعية وأن تذهب في وجهة ذات عائد ملموس على الأفراد والمؤسسات داخل المجتمع.

وفي الجانب الاجتماعي عملت الانتخابات النيابية في هذا المسار على تعميق النزاع والتباغض بين أفراد المجتمع الواحد، وإثارة النعرات والهويات الفرعية، بخلاف المسار الانتخابي المعتمد على القوائم الحزبية.

ولذلك يكاد يُجمع الأردنيون على أنَّ المجلس النيابي العشرين يشكل خطوة إلى الأمام في طريق الإصلاح السياسي والاجتماعي، وقد اكتسبت هذه الخطوة زخماً واضحاً بسبب الإرادة السياسية التي دفع بها جلالة الملك عبدالله الثاني من خلال الدعوة لتحديث منظومة التحديث السياسي، كما ساهم العديد من النخب السياسية والاجتماعية الأردنية في الدفع بهذا الاتجاه، وأصبح جلياً مع بدايات مرحلة جديدة في الحياة السياسية في الأردن الدور المهم لجميع المواطنين والمؤسسات في تعميق التحديث السياسي، فالمهمة ليست مهمة الملك لوحده أو الحكومة فقط، ب? هي مسؤولية الجميع من خلال المشاركة السياسية والاجتماعية الفاعلة، وخاصة دور النخب التي اكتفى بعضها بدور المشاهد، والمشاهد السلبي أحيانا أخرى. ــ الراي

Rsaaie.mohmed@gmail.com

مواضيع قد تهمك