الأخبار

د. كميل الريحاني : أسطوانات الغاز البلاستيكية وماذا عن المعدنية التي دفع المواطن ثمنها؟

د. كميل الريحاني : أسطوانات الغاز البلاستيكية  وماذا عن المعدنية التي دفع المواطن ثمنها؟
أخبارنا :  

تطوير مرحّب به، لكن مصير حقوق الناس أولاً.
كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب طرح أسطوانات الغاز البلاستيكية في السوق الأردني، مع التركيز على ما تتمتع به من مزايا تتعلق بالسلامة، وخفة الوزن، وسهولة الاستخدام، ومقاومة الصدأ. ولا شك أن أي خطوة تطويرية تصبّ في مصلحة السلامة العامة تُعد موضع ترحيب ودعم.
غير أن هذا النقاش، على أهميته، أغفل سؤالاً جوهرياً لا يجوز تجاوزه:
ما مصير الأسطوانات المعدنية الموجودة لدى المواطنين، والتي دفعوا ثمنها مبالغ تجاوزت الأربعين ديناراً للأسطوانة الواحدة؟
الأسطوانة المعدنية: ملكية خاصة لا يمكن تجاهلها
على مدار سنوات طويلة، اشترى المواطنون أسطوانات الغاز المعدنية من أموالهم الخاصة، ولم تكن هذه الأسطوانات يوماً منحة أو إعارة، بل ملكية مدفوعة الثمن.
وبالتالي، فإن أي تغيير في النظام المعتمد لا يمكن أن يُبنى على تجاهل هذه الحقيقة، أو تحميل المواطن كلفة التحديث مرة أخرى، دون معالجة عادلة لمصير ما يملكه.
فالمواطن الذي التزم بالقانون واشترى الأسطوانة وفق التعليمات السارية آنذاك، لا يجب أن يُفاجأ اليوم بأن ما يملكه أصبح بلا قيمة أو خارج الاستخدام.
هل يتحمل المواطن كلفة التطوير وحده؟
السؤال الأكثر إلحاحاً هو:
هل يُعقل أن يُطلب من المواطن شراء أسطوانة جديدة، بينما تُلغى عملياً قيمة الأسطوانة القديمة؟
في ظل:
- ارتفاع تكاليف المعيشة
- ثبات أو محدودية الدخل
- وتزايد الأعباء اليومية على الأسرة الأردنية
فإن أي قرار لا يراعي الأثر المالي المباشر على المواطن سيُنظر إليه باعتباره إجحافاً لا تطويراً.
الشفافية الغائبة والأسئلة المشروعة
حتى اللحظة، ما زالت عدة نقاط بحاجة إلى توضيح رسمي، من بينها:
- هل سيتم استبدال الأسطوانات المعدنية بالبلاستيكية؟
- وهل سيكون الاستبدال مجاناً أم مقابل مبلغ رمزي؟
- ما الجهة التي ستتحمل كلفة الأسطوانات القديمة؟
- هل ستُعاد قيمتها للمواطنين أو يُعوَّضون عنها؟
ما مصير الأسطوانات المعدنية من حيث السلامة وإعادة التدوير؟
غياب الإجابات الواضحة يفتح الباب أمام القلق، ويغذّي الشائعات، ويضعف ثقة المواطن بأي مشروع جديد مهما كانت فوائده.
نماذج عادلة يمكن تطبيقها
إذا كان الهدف هو التطوير الحقيقي، فهناك حلول عملية ومتوازنة، منها:
1. برنامج استبدال منظم
استبدال الأسطوانات المعدنية بالبلاستيكية مقابل تسليم القديمة، دون تحميل المواطن كلفة إضافية كبيرة.
2. تعويض مالي أو خصم مباشر
تقدير قيمة عادلة للأسطوانة المعدنية وخصمها من ثمن الجديدة.
3. فترة انتقالية طويلة
تسمح باستخدام الأسطوانات المعدنية جنباً إلى جنب مع الجديدة، دون فرض إلغاء فوري.
4. إشراك المواطن في القرار
عبر حملات توعية واستطلاع رأي، بدل فرض الأمر الواقع.
التطوير لا يكتمل دون عدالة
لا خلاف على أهمية تحديث البنية التحتية لقطاع الطاقة المنزلية، ولا على أن السلامة أولوية وطنية.
لكن التطوير الحقيقي لا يُقاس فقط بنوعية المنتج الجديد، بل بمدى احترام حقوق الناس الذين التزموا بالنظام السابق.
فالأسطوانة المعدنية ليست مجرد قطعة حديد، بل ثمن مدفوع، وحق مكتسب، وجزء من ميزانية الأسرة.
الخلاصة: المواطن شريك لا متلقٍ للقرارات
إن طرح أسطوانات الغاز البلاستيكية قد يكون خطوة إيجابية ومهمة، لكن نجاحها مرهون بالإجابة الصريحة عن سؤال بسيط وعادل:
ماذا عن الأسطوانات المعدنية التي يمتلكها المواطنون؟
فحين يُطمأن المواطن على حقه، ويُحترم ما دفعه من مال، يصبح التطوير موضع ترحيب حقيقي، لا مصدر قلق أو شعور بالغبن.

مواضيع قد تهمك