د. طلال طلب الشرفات : يزن النعيمات؛ عندما تنطق الهويّة الوطنيّة
العرش والجيش والمنتخب الوطني رواسخ وحدة الخطاب الوطني، وقواسم مشاعر الأسرة الأردنيّة الواحدة، والروافد الشريفة المتقدة للهويّة الوطنيّة الأردنيّة، وإجابة على سؤال وجهه لي قبل أيام لأحد المسؤولين أما زلت متأثراً بخطاب الحركة الوطنيّة الأردنيّة، وأجبته ببساطة بأنني أحب وطني، ومن واجبي النضال من أجل هويته وقيمه وتضحيات شهدائه وبُناته الأوائل ولون القمح فيه، ولعلّ يزن النعيمات ذكرني بكل تلك المفاهيم في طريقة التعبير عن مشاعره الوطنيّة.
ما دفعني للكتابة عن يزن النعيمات ليس إبداعه، ولا حجم الفرح الذي أدخله على قوب الأردنيين في المحافل الرياضيّة، وإنما حضور العلم والتراب والهويّة والسيادة ولون القمح في سلوكه ومشاعره المُتّقدة تجاه الوطن والعرش، وهذا الإرتقاء السامي على الإصابة والجُرح من أجل الوطن ورفعته ونصره، وتلك الدموع السخيّة التي ذُرفت بشرف خشية من تقصير في أداء واجب أو خروجاً من معركة قبل أن ينجلي غُبارها.
الوطني الحُرّ يستحضر الوطن وكرامة الشعب في كلّ عمل أو سلوك، ويزن النعيمات البدوي الجنوبي كان كذلك، يزن الذي لم ألتقيه، ولكنه سكن قلوبنا بفعلهِ وعزمهِ ونبلهِ وبرهِ لوالديه؛ يزن قصة بل حكاية أردنيّة جميلة ونبيله، ورواية مخضّبه بالوفاء للوطن والأهل كُتبت فصولها في دوحة العرب وسحاب، وطن وأب يستحق أن يفخر بيزن "الكابتن" والوطني والعفيف الذي أحب ّ وطنه فأحبه الجمبع.
كنت أظن أنني من أكثر العاشقين للوطن بحسّي ونواياي ونضالي من أجل سيادته وهويته، ولكن يزن تفوّق عليّ وعلى أمثالي بأشواط في حسّه الوطني المُرهف وحرصه على رفع اسم الوطن عالياً في كل محفلٍ أو تظاهرة، وقدّم مُقاربة أخلاقية في رفض إجراء فحص الإصابة قبل انتهاء المباراة، يزن الذي أصبح ايقونة النصر الأردني في المحافل الرياضيّة، وتاج هويته الأكيد.
توحّد كل أبناء الوطن مع المنتخب الوطني الأردني هو تكريس وتعبير عن نبل وأصالة الشعب الأردني من كل أصوله واعراقه وفئاته وطوائفه، والكوفيّة الأردنيّة الحمراء هويّة، والهتاف هويّة، وحرص ولي العهد المُفدى على إسناد المُنتخب هويّة، وزغاريد الأمهات هويّة، وامتزاج الفيصلي والوحدات والحسين إربد والرمثا والبقعة وذات راس هويّة، وارتفاع العلم الأردني المُدجج بقسم الشرفاء في المُدرجات هويّة وانتماء.
الأوطان تفخر بأبنائها الشرفاء، والبدوي الأنيق يزن النعيمات صاحب القدم الذهبيّة التي أفرحت الأردنيين مثال صادق وشريف على الانتماء الوطني الأصيل، وإصابة يزن اوجعتنا، وأبكت الكثيرين منّا، ولكن إبداع النشامى – كل النشامى في المنتخب الوطني – أثلج صدورنا، وانتصاراتهم وساماً على صدورنا، وعلا علا علم بلادنا وعلا" ...
الدكتور طلال طلب الشرفات