قصي حمدان الجمال : النصب بالأقساط… خدعة تهدد بيت الاحلام
انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة البناء بنظام الأقساط في الأردن، والتي كان يفترض أن تساعد المواطنين على امتلاك منازلهم دون عبء مالي كبير، لكنها تحوّلت عند بعض ضعاف النفوس إلى وسيلة احتيال منظّم تستغل حاجة الناس وثغرات القانون.
تبدأ القصة بإعلان مغرٍ: "بناء بيتك بالتقسيط… دفعة أولى 5 آلاف فقط.” وما إن يتواصل المواطن حتى يبدأ المقاول المحتال بجمع المعلومات المالية عنه، دون أي اهتمام بالحجم أو التشطيب، فهدفه الوحيد هو سحب المبلغ المتوفر.
بعد الاتفاق، يُطمئن الضحية بعقود عند محامٍ، ورهن وشيكات، وأرقام أشخاص يمدحونه وهم جزء من شبكة الاحتيال. ثم يبدأ تنفيذ شكلي: جرافة ليوم واحد، 200 طوبة، وبعدها يتوقف العمل تمامًا. ثم يختلق المقاول قصة ضائقة مالية ويطلب دفعة جديدة. وإن رفض المواطن، وجد نفسه أمام شيكات مستحقة قد تجرّه إلى المحاكم، بينما المحتال يفلت غالبًا بأقل أضرار.
لماذا ينجح هذا الأسلوب؟
ضعف الوعي الهندسي والقانوني.
غياب رقابة على الإعلانات.
استغلال الشيكات كأداة ضغط.
كلفة المحامين وإجراءات التقاضي.
عدم وجود ترخيص خاص لمقاولي الأقساط.
هذه الممارسات لا تضر الضحية فقط، بل تشوّه قطاع المقاولات وتزيد العبء على المحاكم وتزرع الشك في أي مشروع يُطرح بالتقسيط.
كيف نواجه الظاهرة؟
1. تشريعات ضرورية
ترخيص خاص للمقاولين العاملين بنظام الأقساط.
تنظيم استخدام الشيكات ومنع استغلالها في الاحتيال.
اعتماد كفالات بنكية لضمان التنفيذ.
إنشاء سجل وطني للشركات التي تعمل بالأقساط.
2. الدفع مقابل الإنجاز
الحل الأقوى هو عدم دفع أي مبلغ إلا بعد إنجاز مرحلة محددة وتوثيقها هندسيًا:
دفعة بعد القواعد.
ثانية بعد الهيكل.
ثالثة بعد الإغلاق.
نهائية بعد التشطيب الكامل.
3. وعي المواطن
عدم توقيع عقود دون محامٍ من طرفه.
رفض الأسعار غير الواقعية.
التأكد من تسجيل المقاول رسميًا.
عدم الثقة بالأرقام التي يقدّمها المقاول كتزكية.
4. دور الدولة
ضبط الإعلانات المضللة.
حملات توعية للمواطنين.
متابعة شكاوى المواطنين والتحقق من المقاولين.
فالنصب بنظام البناء بالأقساط أصبح ظاهرة تستدعي مواجهة حقيقية من الدولة والمجتمع. حماية الناس واجب وطني، وتنظيم هذا القطاع ضرورة حتى لا يتحول حلم السكن إلى كابوس، ولا تصبح مدخرات الأسر غنيمة سهلة للمحتالين.
ــ الراي