محمد عبد الجبار الزبن : الأمن والاستقرار بين الواجب الديني والوطني

ليس من نافلة القول: إننا نعيش في مركب واحد. فنحن على مستوى عالم الإنسانية نعيش في مركب واحد وعلى مستوى الأمة في مركبٍ خاصٍّ به، كما أننا على مستوى الوطن نعيش في مركب واحد، ونواجه معاً مصيرًا واحدا، مما يعني: ضرورة الالتفاف حول الراية والعلَم والقيادة، في واحدة من مسلّمات الحياة الآمنة المطمئنة.
وفي يوم الجمعة المبارك، حيث تجتمع القلوب والأبدان في بيوت الرحمن، صدحت المنابر بأصوات الخطباء، وهم يذكرون الناس بالواجب الدينيّ الذي لا يُعذر أحد بالجهل به، فهو واجب نعيشه بالقرآن العظيم، حيث يقول الله تعالى ممتنًّا على عباده أن هداهم إلى الاعتصام بالجماعة ونبذ الفرقة والخلافات بينهم، بقوله تعالى: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران: 103))).
ويأتي الاعتصام بحبل الله تعالى، في صورة الاعتصام بالقرآن الكريم والسنة المطهرة، حيث يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله: (عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة). وهذه الجماعة هي جماعة المسلمين التي تنضوي تحت راية وليّ الأمر، تلك الراية التي فيها عصمة الأمة وتمنع الفرقة بينهم.
ومما ننبه إليه ضرورة: أنّ الامتثال للأمر والانضواء تحت الكلمة الواحدة في المجتمع الواحد، ونبذ الفرقة ومنع دخول الفتنة كلّ ذلك وغيره ينبغي أن يكون على نية التعبّد لله تعالى، ليكون الأجرُ أعظم عند الله تعالى.
وفي زمن صافرات الإنذار التي تأتينا من خلال الإقليم الملتهب، الذي نحن جزء من هذا الإقليم من ناحية وهذا الانتماء هو الذي يدفع الأردنّ قيادة وحكومة وشعبا لأخذ الأمانة على عواتقنا لمنع الانهيار الأمني في هذا الإقليم الحيويّ من العالم، في هذا الوقت نستيقظ على واجب الوقت، والمتمثل برفع الثقة بالله تعالى أولا، ثمّ الثقة بقيادتنا الحكيمة ثانيا، ثمّ القيام بالواجب الديني والوطني بالحفاظ على أمن واستقرار الأردنّ، الذي أصبح الركيزة الأساسية في حفظ واستقرار المنطقة، مما يجعل الواحد منا يحسب لكل كلمة في أيّ مدًى ستصل وإلى أيّ أفق ستستقرّ.
إننا في الأردنّ نعيش بركة المكان والإنسان في أكناف بيت المقدس الذي هو جزء منا ومن تاريخنا واهتمامنا، والأردنّ بلد مبارك فهو بوابة الفتوحات الإسلامية إلى العالم ومن هنا مرّ الصحابة الكرام ورحلتين من رحلات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومهد الأنبياء من قبل، في بلد هذا صفاته وهذه سماته، وهؤلاء الذين يعيشون على تراب الأردنّ ممن يحملون همّ الأمة بالقلوب وهمّ الوطن وهموم فلسطين بالعيون، هم أناس يستحقون العيش دوما بشموخ وعزة وكرامة وأمن واستقرار.
سيبقى الأردنّ منيعا بفضل الله تعالى، ثمّ بفضل هذه الجهود التي نراها من قائد مسيرتنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وأبناء شعبنا وهم يعتصمون في الصفّ الواحد في تعاون على الخير، ونبذ كلّ معاني الفتنة والشرّ.
وختم الخطباء خطبة الدعوة للاعتصام بحبل الله المتين، وخلف قيادتنا الحكيمة، بالدعوات المباركات لأهلنا في فلسطين وغزة، بأن يرفع الله عنهم البلاء واللأواء، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين والإنسانية بأمن واستقرار، وأن يأخذ بأيدي الأشرار بعيدا عن ديننا ودنيانا.
Agaweed2007@yahoo.com