كمال زكارنة : هجرة سرية عكسية من اسرائيل!

كمال زكارنة :
يأتي يوم اللاجيء ،الذي يصادف في العشرين من حزيران من كل عام،والاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 تشهد اليوم هجرة عكسية نشطة وسرية ،بسبب العدوان العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة وايران ،حيث يغادر آلاف الاسرائيليون سرا الى قبرص ويدفعون مبالغ مالية كبيرة، عبر موانيء حيفا وعسقلان وهرتسيليا،ومن قبرص يتوجهون الى دول العالم الاخرى،ومعظمهم يختارون التوجه الى بولندا ،وهي اكثر دولة تصدر وصدرت اليهود المستعمرين والمستوطنين الى فلسطين المحتلة،منذ عام 1947 وحتى الان.
اليوم خط الهجرة عكسي ،من اسرائيل الى الخارج وليس من الخارج الى اسرائيل،وهذه الهجرة هي المقتل الحقيقي للاحتلال الاسرائيلي الذي يقوم على تجميع اليهود في فلسطين المحتلة من خلال الهجرة .
مغادرة الآلاف لفلسطين المحتلة لا تتوقف على الاسرائيليين فقط،بل تشمل الامريكان الذين يبحثون عن وسائل وطرق للمغادرة الفورية،وكذلك الاوروبيين والاسيويين،مما يؤكد هشاشة هذا الكيان الغاصب الذي لا يوجد اي ارتباط بينه وبين الارض التي يغتصبها ويحتلها ،فهو كيان مهاجر ومؤقت كما تثبت الاحداث دائما.
كيان تنطبق عليه الآية الكريمة ،يخربون بيوتهم بأيديهم،عندما دفع غرور نتنياهو وجنون العظمة ،والتفرد بالقوة والهجوم على جميع الجبهات ،بالدعم الامريكي والغربي اللامحدود،الى فتح جبهة ايران ،ظنا منه انها سهلة ،وان تفوق اسرائيل الجوي سيمكنها من تحقيق انتصارا ساحقا وسريعا على ايران،مستفيدا من تجربته مع حزب الله في لبنان.
الهجوم على ايران ليس مفاجئا ولا مباغتا ،بل مخططا له على اعلى المستويات ،وبمشاركة العديد من الدول وخاصة امريكا وبريطانيا وغيرهما،وكانت الخطة تشمل باكستان وايران وبعدهما تركيا ومصر،وبدأت الخطة بتحريك الهند ضد باكستان التي هزمتها بسرعة فائقة،ثم جاء دور ايران ،حيث تضمنت الخطة انقلابا داخليا على النظام ،بالتزامن مع الهجوم الاسرائيلي ،وتعهدت اسرائيل بتدميرها خلال ايام قليلة ،لكن الخطة فشلت.
فشل العدوان الاسرائيلي على ايران ،يعني تلقائيا فشل الخطة العدوانية على تركيا ومصر ،وتغيير النهج العدواني لاسرائيل وحلفائها واعوانها،واجبارهم على تغيير استراتيجيتهم في التعامل مع دول الشرق الاوسط، تلك الاستراتيجية القائمة حتى الان،على فرض الشروط والاملاءات والمصالح الاسرائيلية والامريكية والغربية بالقوة ،وعدم منح السياسة والدبلوماسية اية مساحة،الا تلك التي تلبي شروطهم ومصالحهم ،وقد اعترفوا علنا،بان اسرائيل تقوم بالدور القذر نيابة عنهم في الشرق الاوسط.
الكيان الغاصب اليوم في عين العاصفة، بعد ان اصطدم هو وحلفاءه بالقوة التي تمتلكها ايران ،وجرأتها وقدرتها على ضرب الكيان.
نتنياهو ادخل الكيان في ورطة وازمة وجود حقيقية ،وصرخات الاسرائيليين تخترق كل حواجز الصوت،وهم يستنجدون ويستغيثون لانقاذهم من الموت،والصواريخ الايرانية تنهال فوق رؤوسهم ليلا ونهارا.
غرور نتنياهو جعله يرفع سقف جنونه ،حيث ارتفع طموحه لتغيير وجه العالم وليس وجه الشرق الاوسط فقط ،حتى اصبح يقف الان هو وكيانه على حافة حفرة الموت.
اعتادت اسرائيل ان تفتح الجبهات وتنتصر فيها وتغلقها متى شاءت،لكنها اليوم تشعل الجبهات وتهزم ،ولا تستطيع ان تقرر نهاية لها لوحدها، والشواهد موجودة امامنا.
لم يشهد الكيان منذ اقامته على ارض فلسطين المغتصبة ،ضربا ودمارا وهزائم كما هو حاله اليوم،فقد بات معرضا لفقدان الامن والاستقرار والفوضى العارمة، والتفريغ من السكان،وتوقف العمل والانتاج وشلل الحياة بجميع مناحيها.