الكاتب الفلسطيني ثائر أبو عطيوي: غزة ومشهد الضياع العظيم

بعد أكثر من 600 يوم على الحرب المستمرة والعدوان المتواصل على قطاع غزة، يتصدر مشهد الضياع العظيم بكافة جوانبه وتفاصيله ، حيث سكان القطاع مازالوا يعانوا من القتل و القصف والتدمير والنزوح المتكرر والجوع، الذي أصبح يغزو كل بيت في ظل موت محقق قادم بسبب عدم وجود الغذاء والدواء، والافتقار لأدنى مقومات الحياة الإنسانية بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر لأكثر من ثلاثة أشهر ويزيد.
غزة ومشهد الضياع العظيم ، في ظل تردي الأوضاع الإنسانية والإغاثية والمعيشية والصحية، حيث تتساقط الأجساد وتتهاوى في الشوارع والطرقات وهي تسير من قلة الطعام والغذاء والدواء، حيث أصبح الإنسان في قطاع غزة لا يقوى على السير والمسير ولا على التفكير من شدة الألم النفسي والجسدي بسبب حرب طالت ولم يعد لها أي معنى أو مضمون ، فكلما وليت وجهك في غزة تجد الدمار الإنساني والعمراني، وتجد الوجوه الشاحبة التي شاخت قبل أوانها من شدة المعاناة والانتظار ، انتظار الفرج والأفق في أقل القليل ولو هدنة إنسانية مؤقتة تعمل على ترميم روح وجسد الإنسان الميت وهو على قيد الحياة.
في غزة ومشهد الضياع العظيم بسبب الحرب التي دفع ضريبتها دما وجوعا المواطن البسيط تجد استباحة الكرامة الإنسانية حيث لا خصوصية إنسانية بسبب عدم المأوى والمسكن لمئات الآلاف من المواطنين، وحيث استباحة الكرامة الإنسانية بسبب الجوع والفقر والحرمان وعدم وجود رغيف الخبز.
غزة والمشهد العظيم، حيث انتشار الفوضى والسرقة والانحراف بكل احتراف، وانتشار الاستغلال ، وانعدام وجود القيم والوازع الأخلاقي للبعض الذين استغلوا الحرب لتكون غطاء لأعمالهم المستغلة بكل بشاعة بسبب حاجة المواطن البسيط الضعيف.
في غزة والمشهد العظيم، وكأن أهوال يوم القيامة تخيم على المكان ، حيث اللهم نفسي نفسي ، دون مراعاة لأدنى القيم والأعراف الإنسانية والمجتمعية.
غزة ومشهد الضياع العظيم، سيبقى هذا الضياع وآثاره السلبية ترافق الإنسان إلى سنوات طوال ، بسبب الواقع النفسي و المجتمعي التي ستتركه الحرب، والذي عنوانه لا ركائز نفسية ولا اجتماعية ولا اقتصادية ولا صحية ولا تعليمية لكافة سكان قطاع غزة ، والذي سيكون له الأثر المرعب والمخيف لمجتمع فقدت وضاعت كافة قيمه ومكوناته ، وأصبح في مهب الريح إلى سنوات قادمة طوال.