الأخبار

د. سند ابو راس : تغيير جذري في الصف العاشر

د. سند ابو راس : تغيير جذري في الصف العاشر
أخبارنا :  

الحياة الواقعية أكبر بكثير من اختزالها في قوالب مثل «طبيب» أو «مهندس» أو «معلم» أو «ممرض» أو «محاسب» أو «مبرمج». فلبناء المجتمع، نحن بحاجة إلى الحداد، والنجار، والمواسرجي، والميكانيكي، وغيرها من الحرف. ويجب على من يعمل في هذه الحرف ألا يشعر بالخجل من عمله، أو أنه لجأ إليها فقط لأنه لم يتمكن من إتمام الثانوية العامة.
فإضافة إلى ضرورة تغيير الصورة النمطية السائدة عن هذه الحرف، التي تُصور من يعمل بها على أنه أقل مكانة اجتماعية ممن يحملون درجات علمية، يجب إتاحة الفرصة للطلاب لتجربة هذه الحرف. فقد يجد بعضهم شغفهم فيها، ويمارسونها بحب وقناعة، لا بدافع الضرورة أو الإكراه.
وعليه، يجب إحداث تغيير جذري في مناهج الصف العاشر تحديدًا، بحيث تركز بشكل مكثف على مادة التربية المهنية طوال العام، لتمكين الطلاب من تجربة عدد من الحرف المذكورة سابقًا، بحثًا عن الشغف والميول الشخصية.
في هذا العام، يكون الطالب قد بلغ سن السادسة عشرة، وهي سن تتيح له من الناحية الجسدية ممارسة تلك الحرف. وفي نهاية العام، وبعد أن يطّلع على مجموعة متنوعة منها، يمكنه اتخاذ قرار واعٍ بين التوجه نحو التعليم الأكاديمي (علمي أو أدبي)، أو التعليم الصناعي والمهني.
لذلك، ينبغي تقليل عدد ساعات دراسة المواد الأكاديمية والعلمية في هذا الصف، مع الحفاظ على المعلومات الأساسية فقط، حتى لا ينسى الطالب ما يحتاجه في حال اختار المسار الأكاديمي لاحقًا. ويُقابل ذلك تركيز أكبر على مواد التربية المهنية.
سيكون هذا العام بمثابة فترة «نقاهة» للطلاب قبل دخولهم مرحلة الثانوية العامة، إذ يخفّف من الضغط الدراسي، ويمنحهم معرفة أوسع بالحرف والمسارات المهنية المختلفة. وهذا سيعود عليهم بفائدة أكبر حين ينتقلون لاحقًا إلى الدراسة الكاملة في الثانوية.
ولتفادي فقدان أي معلومات أكاديمية أساسية، يمكن إعادة توزيع محتوى هذه المواد على الصفين التاسع والحادي عشر، ليُتاح للطالب التفرغ قدر الإمكان للتربية المهنية في الصف العاشر، دون خسارة تعليمية كبيرة.
هذا التوجه لا يتنافى مع رؤية سمو ولي العهد، إذ لا يمكن تحقيق الرؤية بجعل جميع الشباب مبرمجين في الذكاء الاصطناعي فحسب. فنحن، على سبيل المثال لا الحصر، بحاجة إلى من يبني مراكز البيانات. وتحديات هذه المراكز في معظمها لوجستية أكثر منها تقنية، وبالتالي نحن بحاجة إلى من يؤدي هذه الأعمال بحب وشغف وإخلاص. وينطبق ذلك على باقي محاور الرؤية. فالأوطان لا تُبنى إلا بتعاون جميع المواطنين، بغض النظر عن شهاداتهم، كلٌ حسب مهاراته.
هكذا نقول للمواطنين: بناء الوطن لا يحتاج إلى شهادة، بل إلى إرادة ومهارة.

مواضيع قد تهمك