د. عدنان مساعدة : في وداع محمد خطايبه الإنسان النقي والصحفي الساخر والملتزم

رحل الأستاذ الصحفي محمد أحمد خطايبه المولود عام 1949 في بلدة إزمال في
لواء الكورة في محافظة اربد، حيث نشأ طفلا وشابا في بيته الأول في هذه
القرية الوادعة، وبدأ حياته العلمية في مدارس إزمال وسموع ودير أبي سعيد في
لواء الكورة، وكان العاشق المتيم الذي لم ينس مكان نشأته فحضرت كيمياء
الجسد وكيمياء المكان والزمان في محبته لقريته، وتواصله المستمر معها
مشاركا أهلها في المناسبات مضفيا حضوره بروحه الطيبة القريبة من الناس كل
المحبة والتقدير.
ومنذ باكورة شبابه فقد حط الرحال ب محمد الخطايبه
للعمل في عمان صحفيًا في وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، حيث بذل جهودا
كبيرة في تطوير عملها، كما عمل مراسلاً صحفيًا للعديد من الصحف والمؤسسات
الإعلامية العربية، ومنها مديرا لمكتب جريدة الاتحاد الإمارتية لعدة سنوات،
وكرّس حياته للعمل الصحفي لمدة تجاوزت الأربعين عاما بدأت في عام 1988 من
القرن الماضي حيث وصفه زملاؤه بالعمل أمثال سمير الحياري وعبد الله العتوم
وباسم سكجها وأحمد سلامه وفلحة بريزات وطارق المومني وغيرهم مع حفظ
ألقابهم، بأنه صحفى ومهني متميز ساهم في نقل صورة المشهد الإعلامي المحلي
والعربي بموضوعية وأمانة، كما كان وطنيا كبيرا وغيورا على مؤسسات الوطن،
ولم يرض بالعودة إلى الخلف خطوة واحدة، وبقي رمزا صحفيا وإنموذجا كبيرا من
نماذج الإعلام المبدعة حيث سجل في الإعلام خطوطا بارزة وعلامات فارقة،
رحل
محمد خطايبة الإنسان النقي والصحفي الساخر والملتزم الذي إمتاز بمحبته
للناس بابتسامته المعهودة، أملا وألما في نفس الوقت من خلال فكاهته وسخريته
اللاذعة والملتزمة، التي كان يهدف من ورائها تخفيف معاناة الناس في هذه
الحياة بتناقضاتها وإرهاصاتها مدا وجزرا .
رحل محمد خطايبه الى رحاب
الله الأوسع من رحابنا، حيث ودعّه أهله ومحبوه وأصدقاؤه وزملاؤه في مهنة
الصحافة والإعلام الذي أمضى حياته بين القرطاس والقلم كصحفي موضوعي يبحث
عن الحقيقة هنا وهناك، في مسيرة تجاوزت أربعين عاما أمضاها في البذل
والعطاء في سبيل رقي مهنة الصحافة مخلصًا لوطنه ومهنته التي عمل لأجلها في
مواقع عدَّة داخل الأردن وخارجه، يمثل إنموذجا وطنيا صادقا أسهم بشكل كبير
في إثراء المشهد الإعلامي الوطني، وكان للوقت عنده قيمة كبيرة من خلال
العمل الجاد والمستمر هاجسه الأكبر خدمة بلده، حيث أفنى حياته من أجله وهو
في قمة العطاء حتى وهو في معركته مع المرض منذ سنوات كان خلالها صلبا
ومبتسما راضيا بقضاء الله وقدره.
لقد كان رحمه الله بحق من جيل الكبار
ثقافة ووعيا، يزين كل ذلك خلقه الراقي وتواضعه الكبير من غير ضعف مع زملائه
وكل من عرفه، وكان الوفي للمكان والزمان في الوقت الذي قلّ فيه الوفاء.
نعم، رحل محمد خطايبة (أبو عامر) بعد معركة شرسة مع المرض، وقد شاءت
إرادة الله أن يختاره إلى جواره ماضيا إلى رحاب رحمة الله الأوسع من رحاينا
راضيا مرضيا بعد حياة حافلة بالعطاء الجاد نهجا وعملا.
وفي يوم وداع
محمد خطايبه، شيعه أهل قريته وأصدقاؤه وزملا ؤه ومحبوه من كافة مناطق
المملكة الذين بادلوه الوفاء في حضور مهيب قدرّت مكانتة فيما قدّم وأعطى
لوطنه في محراب الكلمة الصادقة المسؤولة . فإلى رحاب الله الأوسع من رحابنا
الأخ والصديق محمد خطايبه الذي لم يتغّير، وبقيت طباعه أصيلة منبعها
الصدق والوفاء، ولم يتبدل عن قناعته في ترسيخ الكلمة الهادفة والمسوؤلة،
وحسه الوطني الكبير، ونبضه العربي الصادق، ونسأل الله لك الرحمة أخي أبا
عامر في مقعد صدق عند مليك مقتدر.