عمر كلاب يكتب : جولات الرئيس الميدانية هل من جدوى؟

عمر كلاب :
دون شك نزول الحكومة إلى الميدان, حميد ومقدر, لكن يبقى السؤال عن جدوى الاشتباك مع الميدان وتغذيته الراجعة, من حيث معرفة مكامن الخلل ومكامن القوة, وأظن أن مصفوفة منهجية قادرة على كشف ذلك, من حيث, فاعلية الإدارات الوسيطة, وقدرتها على تبيان الخلل أو القوة, ولتوضيح ذلك, فإن الحكومة ملزمة بكشفها ومحاسبة الإدارات الوسيطة, فمثلًا يقوم الرئيس بتصويب اختلالات خلال زيارته, مثل أوامر بزيادة غرف صفية أو أسرّة في مستشفى, أو صيانة مدرسة أو منشأة, فهل هذا دور الرئيس؟ من حق الجمهور أن يعرف, هل كشفت الإدارات الوسيطة, عن هذه الاختلالات أو الحاجات, وأرسلت بذلك إلى الوزير المعني, وإذا كانت أرسلت, ما إجابة الوزير, أم أن المطالب بقيت أسيرة الأدراج, وبالتالي يجب محاسبة الوزير, وعكس ذلك يجب محاسبة الإدارة الوسيطة, هذه الأمور بتقديري, هي أبسط قواعد الإدارة العامة, وتفعيل مبدأ المحاسبة, لتطوير الإدارة العامة, التي تشهد تراجعًا ملموسًا, استوجب أن يكون تطوير الإدارة ثالثة الأثافي, في مشروع التحديث الشامل الذي يقوده الملك. في منتصف العقد الماضي, تشرفت بمرافقة الملك إلى المحافظات, وأذكر أنني كتبت بعد زيارة ملكية إلى محافظة مادبا, تقريرًا انتهى بالمطالبة بعزل كل قيادات المحافظة, بما في ذلك النواب والأعيان, بعد أن قام مئات المواطنين بتسليم الملك رسائل شخصية ومطالب ذاتية ومناطقية, وقلت حينها, أن كل هذه المطالب لم تجد أُذنًا صاغية من المسؤول المحلي, وتكرر الأمر في معظم المحافظات, باستثناء محافظة العقبة في ذلك الوقت, التي كانت تشهد فورة في كل المجالات. نتلقى يوميًا اتصالات ومطالبات من مواطنين, لتحقيق خدمة أو التوسط في قضية, صحيح أن فيها نسبة لا تحمل مطالب محقة, بل تطلب استثناء ما, لكنها تكشف أن المواطن لا يستطيع الوصول إلى كثير من المسؤولين, وأنهم لا يتلقون إجابة سواء بالرفض أو القبول, وعند متابعة هذه القضية تنفتح الأبواب, لذلك نرى إقبالًا من المواطنين, على البرامج الخدمية, وعلى مواقع التواصل الاجتماعي, وللوقوف على هذا الاختلال, يجب أن تتم مراجعة جولات الرئيس, والفريق الحكومي, وفقًا لهذه القاعدة, ومحاسبة المقصر ومكافأة المنجز. قضينا فترات طويلة, نتغنى بالانفتاح, وكأنه هو الهدف, وأضعنا للأسف, الغاية النبيلة منه, وهو الوقوف على كفاءة المسؤول المناطقي, وجدوى هذه المراكز الخدمية في المحافظات وأطراف العاصمة, ومن جديد نذكر بضرورة المراجعة والمكاشفة, فلا يعقل أن ننتظر زيارة رفيعة, كي يتم تعبيد شارع أو تنظيف منطقة, أو تزيينها, وغير معقول أن تبقى معاملة مواطن قيد التوقيف لحين الوصول إلى وزير أو رئيس وزراء, أو نشرها على الاعلام أو مواقع التواصل الاجتماعي. جولات الرئيس ستكون مثمرة إذا رافقها محاسبة ومكاشفة, حتى يعلم المواطن أن صوته مسموع ومقدر, وحتى لا يبقى المواطن أسير مراكز قوى, تتشكل في غفلة عن الدولة ومداها وقوتها, سواء كان الإعلام أو النائب أو صاحب العلاقات الممتدة. ــ الانباط
omarkallab@yahoo.com