محمد عبد الجبار الزبن : الاستقلال.. عين على الماضي عين على المستقبل..

تشكل درجة الوعي لدى الشعوب واحدة من أهم العوامل في مواجهة تحديات الحياة، بل إن الوعي الذي يتولد من المبادئ والقيم والثقافة، يولد لدينا ذكاء فطريا في تجنب الكثير من عقبات الحياة، مما يعني استثمار القدرات والمقدرات في البناء وتجنب المخاطر ما ظهر منها وما بطن.
وإن من لوازم الوعي الإنساني: «الثقة بما نملك». وإن أعز ما نملكه بعد الإيمان وأركان الإسلام، الوطن الذي ننتمي إليه، وعلى عتباته نسعى في بناء الدنيا واستقبال الآخرة بالذي هو خير، وإننا بثقتنا بوطننا ننسج ظلالا يمنع عنا الضلال ونخيط بساط الريح الذي يبسط بيننا المودة، ونصنع متكأ نجلس عليه ونحن نناقش قضايا مستقبل أبنائنا.. كيف لا؟ وهو الوطن
وفي الأردن جذور تاريخية ممتدة منذ أشعة الشمس الأولى في بناء الحضارات، ومن عريق تاريخه أنه ينتسب إلى الهاشميين، حيث مراحل: التأسيس والبناء والتعزيز، ضمن حقبة مضيئة من تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية، أدام الله ظلال عزها وجلال فخرها.
وإذا قرأنا التاريخ المعاصر وأردنا قراءته مرتين وثلاثة، فسيكون لنا حظوة في كل مرة ونحن نقرأ الصفحات المضيئة التي تزداد نورا مع الزمن.
ويأتي يوم الاستقلال من كل عام ليذكرنا بواحدة من أبهى صفحات تاريخنا المعاصر، ومع أن الوعي الذي ذكرناه آنفا، هو ضرورة لكل مواطن وهو يقرأ عن نعمة الوطن، إلا أن البعض منا قد يحتاج إلى تذكير بقيمة الوطن، وخصوصا في عيد استقلاله.
ومن باب التذكير بما لا ينبغي نسيانه، أذكّر بأمور لا يجوز تفويت قراءتها وتسميعها وتلقينها لأبنائنا، وهي كثيرة يعرفها كلّ من عشق تراب الوطن، ولكنني أشير إلى مهمات في هذا الباب:
أولا: أن العالم مر بفترة عصيبة كادت أن تغير ملامح التاريخ والجغرافيا، من خلال الاستعمار الحديث.
ثانيا: أن مواجهة الاستعمار لم تكن نزهة، بل كانت تضحيات وسهر دؤوب ومواصلة الليل بالنهار.
ثالثا: أن الأردن بقيادة الملك المؤسس، كان في سباق مع الزمن لتحقيق الاستقلال فيما يربو على ربع قرن من الزمن.
رابعا: استقلال الأردن شكلَ أنموذجا يحتذى للعديد من بلدان المنطقة، وتلك منقبة تحسب للأردن قيادة وشعبا، بمعنى آخر: ثقافة الاستقلال التي أشاعها الملك المؤسس منذ بدء تسلمه للإمارة، كانت نقطة رشيدة في كتاب الاستقلال العربيّ.
خامسا: الاستقلال نهاية مرحلة عصيبة، لكنه بداية مرحلة لا تنتهي، لأجل ذلك يحق لنا الاحتفاء والاحتفال بيوم الاستقلال لتبقى عيوننا على المستقبل، فالفرحة بالماضي الذي مضى تكتمل ونحن نرسم على طريق الزمن الممتد للمستقبل، ونكتب: إنّا ماضون.. مع الوطن ماضون.. مع قيادته ماضون.
وأخيرا.. للوطن الذي نعيش في كنفه واجبات علينا، لا بدّ لنا من بناء فكرة الانتماء إليه راسخة في نفوس الأجيال، وأن لا نستهين بالكلمة الطيبة التي تبني فنتبناها، ولا الكلمة التي تكسر مجاديف المركب فننهى عنها ونتحاشاها، ليبقى الاستقلال منارة تذكرنا بتضحيات الأجداد، لنتعلم من درس الاستقلال كيف نقرأ المستقبل بحروفه المضيئة. ـ الراي
Agaweed2007@yahoo.com