د. فتحي الاغوات : إعلام يصنع الوعي لا يستهلكه

تجويد الخطاب الإعلامي ضروة،تفرضها تحديات الواقع واشتراطات العصر،لا خيارا رفاهيا أو تحسينا شكليا في الأداء،تجويد الخطاب الإعلامي،هو أنتقال من إعلام تقليدي سطحي في لغته ومضامينه،إلى إعلام عميق، مسؤول، مهني، قادر على التأثير وعلى الإقناع لا التضليل.
بيدا تجويد الاعلام من احترام عقل الجمهور وعدم الاستخفاف بمستوى وعيه،وصولاً الى تحسين اللغة والرسالة الإعلامية لتكون دقيقة، واضحة، خالية من التهويل أو التبسيط المخل والالتزام بأخلاقيات المهنة والابتعاد عن التحريض، والتنميط، والإثارة غير المبررة.
منصات التواصل الاجتماعي،وفرت صعودا كبير اللإعلام الرقمي البديل،وبذلك تكون أضافت للناس مساحة حرة للتعبير، لكنها في الوقت ذاته أسهمت في نشر كم هائل من المعلومات المغلوطة، وهنا يُصبح الإعلام المهني مسؤولًا عن غربلة الحقائق وتقديم محتوى نوعي يفرض احترامه وحضورة.
في ظل تحديات وطنية وإقليمية معقدة وأزمات أقتصادية وسياسية واجتماعية،فأن دور الخطاب الإعلامي ان يكون مسؤولًا عن التهدئة، لا عن التأجيج.
خطاب الإعلامي المجوّد الموضوعي والمتزن يكمن في عرضه للوقائع دون انحياز أو انتقاء يخدم أجندات معينة، وان يحمل تحليلاً عميقاً،و لا يكتفي بالنقل، بل يفسر ويحلل الخلفيات والتداعيات.
وايضا الايمكن اغفال الجانب الانساني في تركيزه على قصص الناس وهمومهم، لا على التصريحات الرسمية وحدها.
المطلوب وجود لغة ذكية وواعية تستثمر الرسالة الاعلامية بطريقة دقيقة تليق بعقل المتلقي وذائقته، كما أن على المؤسسات الإعلامية دور ومسؤولية كبيرة مهمة في
نقل الخطاب إلاعلامي المهني، واستثمار القدرات الصحفية لديها وتطوير قدراتهم على مهارات الكتابة التحليلية، الإعلام الرقمي، وفنون الخطاب المؤثر.
لاشك ان صياغة السياسات التحريرية للمؤسسات الإعلامية والصحفية، لابد لها أن تواكب المستجدات دون المساس بالمهنية الصحفية.
لم يعد المطلوب من الصحفي أو الوسيلة الإعلامية أن «تنقل الحدث» فقط، بل أن تحلله، وتربط بين أسبابه ونتائجه،وتقدم سياقًا متوازنًا للجمهور، هذا هو الفرق بين الخطاب العادي والخطاب المجود
الخطاب المجود لا يكتفي ب"المعلومة»، بل يضعها في قالب يخدم الصالح العام، ويحصن وعي المتلقي ضد الانحرافات والتأويلات المغرضة.
إعلام يصنع الوعي لا يستهلكه هذا هو الهدف الاسمى لاعلامنا وصحافتنا،في زمن الضجيج الإعلامي والتهويل، لابد من تجويد الخطاب الإعلامي والصحفي فهو الرهان الرابح،في تكوين إعلام مؤثر ليس بالأكثر صخبًا، بل بالأكثر مسؤولية، والحاجة إلى إعلام يُعلي من شأن العقل، يُعيد الثقة بين المنصة والجمهور، ويكون شريكا في البناء وتشكيل الوعي الجمعي الوطني
ــ الراي