عبد الحافظ الهروط : رمزية العَلَم .. ووجه الأرض

قبل أيام كتبت منشوراً،بعنوان (احتفالي بعيد الاستقلال)، قلت فيه: لا يهمني أن يكون العَلَم الأردني بحجم واجهة المؤسسة أو يكون أعلى سارية، ما يهمني هو أن يكون العلم بحجم القلب، وما يجري في الأماكن من عمل، ينهض بالوطن والحفاظ على سمعته ونظافته.
ولكن ما أزعجنا ونحن في غمرة الفرح، أن مقطع فيديو نقل لأشخاص يلقون بالعلم من فوق جسر من جسور عمان، إلى الأرض.
بتتّبع من فريق الأمن العام، تبين بالتحقيق أن من قام بهذا العمل المرفوض بشدة، هم ثلاثة أحداث يحملون جنسية عربية.
وعندما يكون الحديث عن العلم، فإن رمزيته، ليست بطول المسافة والعرض والارتفاع، كذلك هي قدسيته التي تفرض على أبناء الوطن الحفاظ على نظافته وشكله، وفي أي مكان يوجد.
نشاهد على سبيل المثال، أعلام الدول في العالم، وقد وضعتها منتخباتها الرياضية على صدورها، وبأحجام قد لا تُرى كما يجب، ومع ذلك، كم تكون هذه الرمزية مؤثّرة عند لحظة تسجيل الهدف، وما يتبعها من صيحات وأهازيج الجماهير تنهال عند تحقيق الفوز؟!.
هذه الرمزية، وتلك القدسية للعلم، بالنسبة لنا نحن الأردنيين، ليس لأي منهما وقت، حتى نحتفل، وإن كان للمناسبات حضورها للتعبير عن الشعور بالبهجة والفخار بإنجازات تحققت.
ولكن المزعج،أيضاً، أن تكون ساعات احتفالاتنا، تشويهاً لوجه الوطن حيث نشاهد من يقوم بقذف العبوات بمختلف اشكالها ومحتوياتها،وزدنا على هذه (الظاهرة)، قيادة السيارات في طيش، وغطى العلم الزجاج بأكمله وأغلقنا الشوارع، كما حصل في احتفالنا بيوم الاستقلال، لنسأل أنفسنا: أين ثقافتنا،وأين تربيتنا الأُسرية والتعليمية، قبل أن نجهد أنفسنا لتكون لنا مادة في مدارسنا وجامعاتنا، تعنى بالتربية الوطنية أو التربية الإعلامية؟!
سلوكات المجتمع، كهذه، تحدث عندنا في مناسبات وغير مناسبات، ففي حياتنا اليومية، نرى أنفسنا غير ما كنا عليه في عقود ماضية عندما كانت أخلاقنا التي تربينا عليها، وإلى جانب فطرة الآباء والأجداد، تجعل منهم ومنا مجتمعاً يحرص على النظافة، وجمال البيئة، واحترام كرامات وظروف الآخرين.
اليوم، أكثرْنا من الذرائع، عندما صارت حافلات أمانة عمان والبلديات الكبرى والصغرى، تحمل أطنان النفايات من الحاويات، وأُخرى تبقى ملقاة على الطرق، وبين الأزقة، فلم نجد مبرراً لهذه السلوكات المشينة، سوى أن السكان قد ازدادوا عما كنا عليه قبل عقود !.
لم نسأل أنفسنا، وقد شاهدنا نظافة الشوارع والمرافق العامة في الدول التي تفوقنا بأضعاف ملايين السكان: لماذا هذا البهاء البيئي وهذا الهدوء؟، لو لم يكن لديهم قانون رادع، وقبله تنشئة بدأت بالأسرة وتعززت بالمؤسسات التعليمية، فأكسبت الأفراد هذه الثقافة.
ما الذي تغيّر علينا يا شباب الوطن، وانتم من نطلق عليهم، فرسان التغيير وبناة المستقبل؟! ــ الراي