الأخبار

بشار جرار : الاستقلال نقيض الاستغلال

بشار جرار : الاستقلال نقيض الاستغلال
أخبارنا :  

ليس جميع اللغات ولا اللهجات كلها، قادرة على إدراك المعاني والدلالات بالقدر الوافي الكافي. من فضل الله علينا في مشرقنا العظيم، أن العائلة الآرامية كما «القرمية» منها تفرعت الأصول وانبثقت الغصون، ففاضت ثمار الخير والبركة وغمرت الجميع، بمن فيهم أولئك المستشرقون ومن أراهم «مستغربين» لا استغرابا بل اغترابا روحيا، قبل أن يكون فكريا وحسيا.

الاستقلال في لغتنا الجميلة نقيض الاستغلال وهي أشد وطأة من التبعية وأفدح أثرا، إلى جانب معاني كثيرة. تعلّق أفئدة الأجداد وتثبثهم بالأرض، سبق فكرة قيام الدولة، وكذلك التعبير عن العزة والقوة والثروة بكل أشكالها. الوطن في سر أسرارنا الجينية الثقافية، أسرة. والعائلة التي تعرّف بعلم الاجتماع والدراسات السكانية بالأسرة النووية، والعشيرة المعروفة بالأسرة الممتدة، إنما هي حجر الزاوية وقطب الرحى. الأسرة والعشيرة قبل الأرض عندما كانت لدى بعض الحضارات مرتبطة بمسقط الرأس في مهد، أو مرقد الجسد في لحد. وما كانت الأسرة والعشيرة إلا سيدة الأرض وسادتها، عندما كانت تعني أكثر من مجرد الأمن من الجوع والأمان من الخوف في توفيرها المطعم والمشرب والحصن والملاذ والمرعى. كانت الديرة تعرف بحيثما تكون الأسرة والعشيرة. الدار هي أصل الديرة لا تبنيها ولا تحميها سوى المحبة والكرامة، والفطنة واليقظة.

كنا وما زلنا نباهي الدنيا بأننا شعب يعرف الملك شخصيا، ويعرف إلى جانبيه ومن أمامه وخلفه الأمراء والشرفاء وقادة الجند الغر الميامين والمسؤولين المؤتمنين على رعاية الرعية وكل من لاذ بالأردن واحتمى في أكنافه واستظل في أفيائه. كان الاستقلال قبل أن يكون يوما وعيدا كان ثورة. ثورة أحرار. ثورة عربية كبرى فيها للكردي والشركسي والشيشاني والأرمني ما لأعرق قبائل العرب الأقحاح. ثورة نحيى ذكراها الشهر المقبل في العاشر من حزيران. ثورة لو أخلص إليها الأخ والشقيق والجار والقريب لما نكبنا ولا انتكسنا لا في الثمانية وأربعين ولا السابعة والستين ولا ما فاق كارثيتهما ذلك الطوفان الذي نسبته إيران ومحورها إلى الأقصى.

الاستقلال نقيض الاستغلال في مستويات عدة، أهمها أسماها، ألا وهو علاقة الناس برب الناس. لا كهنوت ولا انفرادا ولا تفردا ولا تجبّرا، بالتالي لا تحكّم باسم الثورة أو الاستقلال في رقاب الناس وأرزاقهم ومعتقداتهم وآرائهم وأهوائهم، هم أحرار دائما وأبدا، وعليه سار أحرار العرب في هدي وركاب القيادة الهاشمية. من دمشق قالها ملك الأحرار فيصل بلسان مبين: «أنا عربيّ قبل عيسى وموسى ومحمد». ما اختلف قول فيصل في سوريا عن فعل فيصل في العراق، فصارت «الفيصلية» رمزا تعنى «أن الدين لله والوطن للجميع»..

هي أولى الأولويات أن تتمم الثورة وينجز الاستقلال ذلك التجسيد العملي الحي المستدام للضرب بيد من حديد كل من تجرّأ على الدين، أي دين، وزعم أنه الممثل الشرعي والوحيد له! تشكيل أحزاب أو جمعيات أو شلل على أسس دينية يمس في أسس الاستقلال ومعاني المدنية والسلمية والمواطنة الحقة.

في تتمة الأسبوع المكرس لعيدنا عيد الاستقلال التاسع والسبعين للأردن المفدى حديث بعون الله عن معاني جديرة بالاحتفال في الجوهر والمظهر. الأردن كله يحيى هذه الأيام أيام عز وفرح لا ينغص عليها شيء ولا كائن.

شكرا لصحفنا ومواقعنا وشاشات الوطن الأردنية التي قسمت شاشاتها إلى مربعات لكل منها اسم مدينة أردنية، تكتمل معها صور الأردنيين داخل الوطن الحبيب، علها تشمل في المقبل من الأيام والمناسبات المجيدة مربعات لا جزر يحيا في أردنيو المهجر، وما هاجر الأردن العظيم من قلوبهم أبدا..

شهادات إخوتنا الأوفياء في حبهم للأردن من مقيمين في المملكة أو مضيفين للمغتربين الأردنيين في الدول العربية الشقيقة خاصة في الخليج العربي، كان لها وقع خاص في زمن جحود القلة القليلة ممن لا يمثلون إلا أنفسهم. لكن العيد عيد الأردنيين، وأولى الناس بالحديث عن الاستقلال هم من صنعوا وصانوا الإنجاز الوطني الذي يعزز الاستقلال ويحارب الاستغلال بأي شكل كان. أولئك وحدهم المساءلون أمام الله والأبناء والأحفاد على أردن المئوية الثانية.

مواضيع قد تهمك