د. امجد ابو جري آل خطاب يكتب: لحماية الاجتماعية .. نحو مفهوم أوسع

إن الحماية الاجتماعية ليست مجرد أداة للتمكين الاقتصادي ولا تختزل في زيادة كفاءة توزيع المساعدات الاجتماعية، بل هي مفهوم شامل يرتبط بمسار التنمية الوطنية ككل، ويتقاطع مع الأمن المجتمعي والثقافي والتربوي.
ومن هذا المنطلق، فإن حصر دور وزارة التنمية الاجتماعية في تنفيذ خطوط الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية (٢٠٢٥-٢٠٣٣) كما أعلنتها الحكومة، يعد تقليصاً لدور من المفترض أن يكون محورياً واستراتيجياً.
ان المجتمع الأردني شأنه شأن المجتمعات العربية الأخرى، يرزح تحت ضغوط اجتماعية واقتصادية ونفسية معقدة ناتجة عن التغيرات السريعة في أنماط الحياة، وتراجع الدور التقليدي للأسرة، وانتشار البطالة، وضعف الوعي الثقافي، وغيرها من الظواهر. ولذلك فإن أي استراتيجية للحماية الاجتماعية يجب ألا تكتفي بتوزيع الدعم، بل يجب أن تكون شمولية تنطلق من تشخيص علمي دقيق للمشكلات الاجتماعية، وتبنى على دراسات ميدانية وأبحاث جامعية طالما بقيت حبيسة الأدراج في كليات علم الاجتماع والعلوم التربوية.
ولا بد هنا من التأكيد على أن نجاح أي خطة للحماية الاجتماعية يتطلب تنسيقاً حقيقياً بين مختلف مؤسسات الدولة، وعلى رأسها وزارات التربية والتعليم والثقافة والشباب والأوقاف إلى جانب التنمية الاجتماعية. فكل واحدة من هذه الوزارات تمتلك أدوات فاعلة وقدرات بشرية وبنية تحتية يمكن أن تسخر لتحقيق الأهداف الاجتماعية الكبرى ودون الحاجة إلى تكاليف مادية باهظة، بل فقط عبر تفعيل العمل التشاركي وتوجيهه نحو نتائج ملموسة.
ولعل في الأردن من نقاط القوة ما يجعلنا في موقع مميز للبدء بهذا النهج، لا سيما امتلاكنا لمراكز شبابية وثقافية وملاعب ومدارس ومساجد منتشرة في كل محافظة يمكن أن تتحول جميعها إلى حواضن لبرامج الحماية الاجتماعية الفاعلة إذا ما أحسنت الدولة توظيفها.
الحماية الاجتماعية ليست مسؤولية وزارة واحدة، بل هي مشروع وطني جامع يتطلب إرادة سياسية ومهنية إدارية ورؤية مجتمعية ومتابعة علمية دقيقة. هي استثمار في الإنسان قبل أن تكون إنفاقاً عليه.
وللحديث بقية…