بشار جرار : طاق الحصري وطاقية المباشر!

«طاق طاق طاقية، رن رن يا جرس»! لا داعي لإتمام النشيدة-اللعبة فهي مما يحفظه كثيرون من ذكريات الطفولة والمدرسة والحارة قبل ما تعرف الأسرة والديرة زمن ألعاب الفيديو ونوادي «جِمات» -التباهي والتجميل، لا الرياضة والتأهيل الجسماني أو الصحي!
في مجتمعات شهدت هزات ارتدادية إقليمية، فابتليت بخلط الحابل بالنابل، لم يتوارع هتّافو حزبيّي أيام زمان، قبل رواج مصطلحات الناشطين والمؤثرين المتأثرين بشلل ودكاكين «الإنجوز» أي تلك الواجهات التي تم الترويج لها على أنها غير رسمية وغير ربحية، زمان أيام المدّ «الثوري» القومي واليساري، في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، لم يتورع صناع محتوى الهتافات الصاخبة والشعارات الرنانة الطنانة الزنانة من اختيار أجمل وأطهر ما في تراث الطفولة البريئة الوادعة لتحريف الكلام واستبدال كلمات الأنشودة-الطقطوقة إلى طاق طاق طاقية والبقية معروفة حسب «مانفستو» ذلك الحزب أو ذاك، هذه الجبهة أو تلك.
ظل الحال على حاله كما شهدته أول مرة أيام الجامعة الأم، جامعتنا الأردنية، حتى زاحمت قوى غير تقدمية وفق معايير ذلك الزمان تيارات مناقضة لليسار. زاحمتهم حتى في شعاراتهم، وقام نفر منهم بنبش ذاكرة ألعاب الطفولة والصبا، وأعادوا إنتاجه بألحان إيرانية تارة، وتركية تارة أخرى، فيما جماعة «الحَصْري» وشلة «المباشر» تُخَدِّم على سجعية هتفاتهم الميدانية وخطاباتهم فوق المنابر الثابتة والمتحركة والجوالة، على ما يدّعون أنها من سلة الأخبار المُهمَلَة في بلاد المنشأ!
على من يتحاذقون ولمن يتحذلقون؟ «دافنينوا سوا» كما يقال؟ نسوا أن من علمهم المهنة والحرفة وحتى الشعار و»البراند والترند» الإخباري والبرامجي هو إما زميل حالي أو زميل سابق أو ثالث لا يمل ولا يكل، ألا وهم الرافضون للتقاعد، كونه في ميادين الإعلام الوطني تقاعس، لا قدّر الله.
هذه الحرب، كما في أيام مواجهة عصابة داعش الإرهابية، هذه الحرب حربنا. شتان بين الفَرَس والثعلب -في طقطوقة طاق طاق طاقية، إن كانوا يدركون مرامي تلك اللعبة. أيا كانت الطاقية، قبّعة أم عمامة أم سُلطانية باللهجة المصرية المحببة، فإنه ولله الحمد، قد رنّ الجرس، ولن ينفع الثعلب الماكر التنكر في ثياب الواعظين!
لن تجدي المتضررين مِن كشْفِ مخططات الإرهاب والفوضى ألعاب «الحصري والمباشر». سلسلة وثائقيات تسجيلية لسجلهم الأسود، كفيلة بهدم هيكلهم على رؤوسهم المتطاولة. ونلتمس للرؤوس الخاوية عذرا في التمايل والتباهي، لانعدام قدرتها على فهم تلك الرؤوسة الوازنة الحانية، كما سنابل القمح في سهول تحميها الجبال وتردّ وديانها وأغوارها عنها الأذى، من أي اتجاه أتت به ريح خماسينية! ريح مهما اغبرّت وزمجرت، تُسكتها وتمحوها نسائم الخامس والعشرين من أيّار الجوريّة..