كمال زكارنة يكتب : ايران بين التحييد والتجريد من السلاح.

كمال زكارنة.
بعد جولتين من المفاوضات غير المباشرة، بين ايران والولايات المتحدة في مسقط وروما،لم يصدر عنهما الا التصريحات المتفائلة المليئة بالامل، باحتمالات التوصل الى اتفاق بين الطرفين، حول ملف مستقبل البرنامج النووي الايراني.
الايرانيون لا يخفون سرورهم ،لان الامريكان لم يطرحوا حتى الان، ملفات اخرى على طاولة المفاوضات، مثل البرنامج الصاروخي البالستي الايراني والمسيرات الجوية ،وغيرها من ملفات التسلح الايرانية،ويعتبرون ذلك مؤشرا على امكانية التوصل لاتفاق.
المعطيات تشير الى ان المفاوضين يتجهون ببطء، نحو اتفاق اوباما مع طهران في العام 2015،مع بعض التعديلات التي لا تؤثر على جوهر الاتفاق،بحيث تحتفظ ايران ببرنامجها النووي السلمي ،ويصار الى رفع العقوبات عنها.
ما يهم امريكا واسرائيل،والجميع يعلم ان امريكا تفاوض من اجل اسرائيل وباسمها،وما يهمهما هو خروج ايران من المنطقة العربية ،ومغادرتها الساحات العربية، التي بنت فيها قواعدها الفكرية والايدلوجية والعسكرية،كل ذلك من اجل حفظ الامن لاسرائيل،وقد تحقق ذلك من الناحية العملية،حيث خرجت ايران من سوريا،وضغف وجودها في العراق ،وفي اليمن ليس لدى ايران مشكلة في الابتعاد عن الساحة اليمنية،علما بأن امريكا واسرائيل يهتمان بساحتين رئيسييتين للوجود الايراني ،هما لبنان وفلسطين،اللتان تعتبران وتشكلان تهديدا مباشرا للامن والوجود الاسرائيليين.
في لبنان، شكل حزب الله اللبناني نقطة الارتكاز الرئيسية والاساسية والاستراتيجية للوجود والنفوذ الايراني في المنطقة العربية،والقاعدة القوية والصلبة لهذا الوجود،لكن الان تصدعت هذه القاعدة ،ولم تعد بالقوة التي كانت عليها ،وفقدانها ايرانيا، يعني خروج ايران من الوطن العربي ،وهذا ما يجري تحقيقه حاليا، ونحن نشاهد عودة الحزب الى حضن الدولة اللبنانية،بغض النظر عن شكل العودة ومستقبل الحزب،لكنه لن يكون بصيغته العسكرية كما كان في السابق.
لن يكون بامكان ايران ايجاد ساحات عربية بديلة للعب فيها ،وربما يكون بالنسبة لها تجديد واعادة تفعيل الساحات التي خرجت منها، او على وشك الخروج منها،اسهل بكثير من بناء ساحات جديدة.
مغادرة ايران للساحات العربية،تشكل اوراق ضغط عليها ،لا تقل اهمية عن ضغط العقوبات والعزلة الدولية وغيرها.
لن تجد ايران مشكلة في تحقيق هذا المطلب،مقابل تجنب حربا مدمرة مع الولايات المتحدة،وانهاء العقوبات المفروضة عليها منذ عقود،والنأي بعيدا ببرنامجها النووي، والدخول في حقبة جدبدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية والامنية مع امريكا والغرب ،تحفظ لها مقدراتها وسلامة اراضيها وشعبها وانجازاتها.
في المقابل ،يبدو ان ترمب بدأ يفكر صح،فيما يتعلق بالملف الايراني ،ولأنه واضحا وصريحا ،اطلق اخيرا تصريحا في غاية الاهمية، اذا كان صادقا،عندما قال ،انه لن يسمح لنتنياهو بجره الى حرب مع ايران،وان المفاوضات مع طهران تتجه نحو الاتفاق،هذا يعني انه يدرك ويعي جيدا، ان نتنياهو يعمل على توريطه في هكذا حرب.
امام ترمب مثالين حيين،يشارك هو بشكل مباشر فيهما،العدوان على غزة وعلى اليمن،والتقييم النهائي للعدوان على غزة، انه وصل الى طريق مسدود،وفقا لقيادات عسكرية اسرائيلية،اما اليمن فان جباله واوديته لم تئن بعد، من القصف الامريكي.