الأخبار

عمران السكران : الإشاعات.. أسرع من الضوء وأقوى من الحقيقة

عمران السكران : الإشاعات.. أسرع من الضوء وأقوى من الحقيقة
أخبارنا :  

في زمن أصبحت فيه المعلومة تُولد وتموت في أقل من 24 ساعة، لا عجب أن الإشاعات باتت أسرع من الضوء وأقوى من الحقيقة، فبمجرد أن يلمح أحدهم خبرًا ساخنًا على وسائل التواصل، يبدأ بارتداء عباءة المحقق الصحفي ويضغط على زر مشاركة بكل ثقة، ليبدأ ماراثون تداول المعلومات المغلوطة، بينما الحقيقة جالسة في الزاوية تشرب قهوتها الباردة، تنتظر من يلتفت إليها.

الإشاعات ليست مجرد نكتة أو فكاهة ثقيلة، بل قادرة على قلب موازين المجتمعات وتشويه السمعة وهدم مؤسسات في لمح البصر، ولأن الناس يعشقون الغموض والأخبار التي تبدأ بجملة "مصدر موثوق رفض الكشف عن اسمه"، تجدهم يتسابقون لنقل المعلومة حتى لو كان المصدر هو العم أبو أحمد، الذي سمع الخبر من سائق التاكسي الذي بدوره سمعه من بائع الفلافل!.

المشرّع في الأردن، لم يقف مكتوف اليدين، بل كان بالمرصاد لإيقاف هذا المهرجان الفوضوي، فوضع نصوصًا قانونية تردع عشاق تلك الدراما، فإذا كنت تفكر في تأليف إشاعة مسلية، تذكر أن المادة 132 من قانون العقوبات بانتظارك، وقد تحجز لك إقامة مجانية في أحد السجون لمدة لا تقل عن 6 أشهر، فقط لأنك قررت أن تصبح صحفيًا لليلة واحدة، أما إذا قررت أن ترفع السقف الإشاعات، فاستعد لإقامة أطول.

ويا عشاق المهرجانات الفوضية على مواقع التواصل، أذكركم أيضا بالمادة 15/أ من قانون الجرائم الإلكترونية، فهي بانتظارك أيضا لتحجز لك مجانا إقامة 3 أشهر في أحد السجون، وإن لم يعجبك هذا الحجز، عليك بدفع مبلغ بين 5000 دينار إلى 20000 دينار، لتبقى خلف شاشتك العدائية.

قد يظن البعض أن النصوص القانونية لمحاربة وضبط الفوضى الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي بكل أدواتها، مجرد تهديد على الورق، لكن الحقيقة أن تطبيقه ضروري، فالإشاعات ليست مزحة عابرة، شخص يقرر عدم تناول دواء مهم لأن إشاعة قالت إنه يسبب السرطان، وآخر يبيع ممتلكاته لأن فلان سمع أن الاقتصاد سينهار غدًا، فقرارات بحجم الحياة والمستقبل تُبنى على أساس كلمات كتبها شخص يشعر بالملل خلف شاشة هاتفه.

ولأن الإشاعات لا تحارب نفسها بنفسها، يقع على عاتق الجميع التصدي لها، الحكومة تستطيع قطع الطريق أمام مروجي الأكاذيب بنشر المعلومات بسرعة ودقة، ولكن المواطن أيضًا مطالب بأن يفعل شيئًا بسيطًا جدًا: "فكر قبل أن تشارك»، واسأل نفسك، هل هذه المعلومة تبدو منطقية؟ هل مصدرها معروف؟ وإن كانت إشاعة، لماذا تمنحها أجنحة؟.

الحرب على الإشاعات ليست معركة بالسيوف، بل حرب وعي وفطنة، فالحقيقة قد تكون مملة ولا تحمل إثارة الإشاعات، لكنها دائمًا تستحق أن تكون الطرف المنتصر. ــ الراي

مواضيع قد تهمك