أ. د. كميل موسى فرام : الثابت الوحيد: الأردن.. الأردن القوي المستقر
اختلطت الأمور وتغيرت الثوابت، فهناك خلط واضح بين الوقائع والنتائج، يفسرها كل طرف على هواه بدون أدنى اعتبارات لفواصل التاريخ، تغيرت وتبدلت الولاءات وهناك وعود قادمة بتغيرات جديدة لا نعرف مصداقيتها؛ ظاهرها مبشر ولكن باطنها متغير، ولكن الحقيقة الثابتة التي لا يمكن العبث فيها أو محاولة اختراق لحدودها ولن نسمح فيها تحت أي ظرف لأنها قرار مصيري وهي: الأردن.. الأردن المستقر القوي، عنوان المرحلة الحاضرة تمهيدا للانتقال للمرحلة القادمة بظروفها المستجدة، المتوقع منها أو الجديد، والتي يجب علينا جميعا ترجمة معانيها لوا?ع ضمن رؤية ما نملك، بعيدا عن الاجتهادات والخلافات التي أساسها طريقة التنفيذ والأداء، وبعيدا عن معطيات المبالغة بالتوقعات خصوصا بتصنيف السلوك للعديد من أصحاب الأجندات، فالظروف الإقليمية المتغيرة بوتيرة غير مبشرة، تدعو للقلق، تحتاج لضبط النفس بهدوء وسكينة ومراجعة متأنية لملفات الاستقرار الوطني والسياسي والسيادي، يكون أساسها الحرص المطلق في المحافظة على الاستقلال والاستقرار ضمن حدود الدولة الأردنية المعروفة ضمن ضوابط التاريخ، بحدوده التي يحميها جيش قوي قادر منضبط وقادر ومدرب على أداء مهمته بالدرجة الكاملة، اس?طاع ضبط السلام والأمور بالعديد من دول العالم التي تشهد صراعات كمكون رئيسي من قوات حفظ السلام الدولية برعاية وتكليف من الأمم المتحدة.
التطورات الأخيرة بمنطقتنا كانت حافزا للبعض لإطلاق مبادرات بقالب الوطنية أو الدعوة لمراجعة ملفات سيادية، وهو أمر قد يترجم الحرص والغيرة، لكن التوقيت أو جدول المناقشة غير مناسب للظروف، فالحاضر يتطلب الانخراط بترصين الصفوف وتعاضد الامكانيات التي من شأنها زيادة اللحمة كرسالة للمشككين أو عرابي الصالونات الساسية الذين اعتادوا صعود السلم بالقفز أو الدعم أو ارتضوا لأنفسهم نسب الغير أو ارتموا بأحضان دفء مرحلية أوهمتهم بالحرص ودون الكشف عن النوايا، لكن المطلوب بأرض الواقع اليوم هو البرهان العملي على ترجمة الحرص الجي?ي للوطنية الأردنية الساكنة بقلوبنا بسلوكنا وتصرفنا العفوي أو المبرمج، فنحن أصحاب الحق لهذه الأرض المقدسة ونحن الأوصياء على رعاية مقدساتها، نحن الذين ضحوا من أجل التقدم والبناء، ولكل عائلة قافلة من الشهداء التي روت الأرض بدمائها، فمحطات رحلة الاستقرار لم تكن سلسة، لهذا، فالجميع مطالب اليوم باثبات النوايا للمحافظة عليها، بعيدا عن الاجتهادات التي قد تفيد بموقع تاريخي آخر.
الغليان الذي يشهده الاقليم، التحالفات المتغيرة بين القوى المتناحرة، تبادل اتهامات التآمر والتقصير، هي عناوين المرحلة الحالية التي تفرض الحرص وتتطلب مزيدا من التعاون ضمن حدود الدولة الأردنية بدعم مطلق من أبنائها، فبعض طروحات المستحيل التي يحاول البعض تسويقها أو استخدامها كورقة اختبار للمقايضة، تحتاج لرد فوري وحاسم على المستوى الوطني والسياسي، وإذا كان الرفض المطلق والحاسم على لسان جلالة الملك بأن الأردن لن يكون وطنا بديلا مثلا مهما فكر الغير أو خطط، فهذا الرفض على مستوى القيادة بحاجة لرفض على المستوى الشعبي?والوطني؛ رفض بواقع التصرفات الحقيقية وليس شعارات متبادلة تهدف لتحقيق مكتسبات مشكوك بمرفقاتها. نحن جزء مهم من الإقليم الملتهب، نحاول على الدوام تبني وتسويق فكرة الحق بالعيش الآمن لجميع الشعوب ايمانا وترجمة لاحترام النفس البشرية التي ترفض القتل والتهجير والحرمان، وربما مراجعة دقيقة لتاريخ البشرية بجزئه الحاضر يوضح أن الحقوق لن تضيع، وما يفرض على أرض الواقع بلغة القوة المرحلية سيبقى رهينة لهذه القوة ويرحل مع نهايتها، فذاكرة الشوب وتعلقها بأرضها، ليست فصلا حياتيا يمكن لأحد العبث بجدولته، وفرض الواقع بالقوة الح?ضرة لن يدوم؛ جميع امبراطوريات التاريخ انتهت لبداياتها، لكن الشعوب ماثلة ومستمرة.
استغلال عامل الوقت بحساسيته اليوم أمر مهم جدا، فلا فائدة من التأخير ولا فائدة من صرف جهود وطنية للهجوم والتشكيك بهدف الاثبات أو البراءة أو التقصير، فكلها مسميات الحرص على وطننا ويمكننا اختزالها برؤية شمولية تجسد الحرص بالمحافظة على استقرار الوطن وأمنه الاجتماعي من خلال تسهيل المهمات والتعاون بين مؤسسات الحكم والشعب على أن يحترم مبدأ التخصص ليكون رسالة قوية موجهة للجميع؛ دولة قوية مستقرة مستقلة، يسكنها شعب عظيم، يحميها جيش من أفضل جيوش العالم تدريبا وتسليحا، فيها الخيرات وأرضها الخصبة، أنموذجا للمثالية الدو?ية بالسلوك والأداء، وعلى الجميع احترام هذه الأبجديات، فمن العبث المقامرة بخسارة حتمية، لأن من يحاول الامتحان وجس النبض، فالنتيجة الفشل وقد يدفع حياته الثمن، ويقيني من باب التذكير أن هناك محاولات جس نبض سابقة ونتائجها معروفة، فهذا الوطن كبير بأبنائه، قلعة الصمود التي ما وهنت بالعزم والتصميم لأنه يؤمن بالعدالة والحقوق والمساواة، كان وما زال مهدا للأنبياء الذين بشروا البشرية بالحياة الكريمة بدون تفريق، وسيحافظ على هذا الإرث والرسالة، فالصدق منطاد الحقيقة وللتأكيد، فالثابت الوحيد: الثابت الوحيد: الأردن.... الأ?دن القوي المستقروللحديث بقية. ــ الراي