نيفين عبدالهادي تكتب: عام جديد
عام جديد نبدأ أولى أيامه اليوم، بالتوكّل على الله، نقلب ببدايات ساعاته الجديدة أوراق رزنامة عام مضى لم تأت رياحه بما تشتهيه سفننا، فقد عصفت بآمالنا وأحلامنا وجعلت من أيامنا في مهب رياح الوجع والألم، نخجل من الفرح، والشبع، نخجل حتى من الدفء، عشنا عاما قلوبنا معلّقة بسماء غزة، وأرواحنا وعقولنا تخجل من الحياة، نعيشها بحدّها الأدنى فغصّة غزة توجعنا جميعا.
مضى عام 2024، بتفاصيله التي لم ترض الكثيرين، مضى وقد أُشبعت أيامه دماء، ما بين الحرب على أهلنا في غزة، والاعتداءات على الضفة الغربية، والقدس الشريف، والحرب على لبنان الشقيق، والعدد الكبير من الاغتيالات، يقابل ذلك صمت دولي، وكأن ما يحدث لعبة إلكترونية يتابعونها عن بُعد، أو فيلم سينمائي سينهي تفاصيله كلمة «النهاية» دون تدخل المشاهدين، لتمضي إسرائيل بجرائمها في زيادة بالعنف، وتوسيع دائرتها، دون الأخذ بقوانين ولا بشرعية دولية، ولا بأي مبدأ إنساني، بخروقات لم تسجّل بالتاريخ، غير مكترثة بطفل أو امرأة، أو مسنّ، تحرقهم أحياء، وتهدم مراكز الإيواء والمدارس، لم تبق مسجدا أو كنيسة إلاّ ودمرتها، فهذه هي إسرائيل، الاحتلال الإسرائيلي، وهذا هو صوت العالم الصامت عن جرائمها.
نبدأ اليوم عاما جديدا، ونحن لسنا بأفضل أحوالنا، ليبدأ معه مشوار جديد، نمضي به في بناء الوطن الذي لم يخذل أهلنا في غزة للحظة، وعاش معهم مرار أيامهم، ومدّ يد العون والمساعدة بتوجيهات ملكية سامية منذ السابع من تشرين الأول 2024، أكثر من 14 شهرا بقي مع الأهل في غزة، فكان اكتفاؤهم بكل شيء، والأهم اكتفاؤهم بالحب والأخوة، والسند، ونخوة النشامى، نمضي في مسيرة الوطن ليبقى أيقونة سلام وتطوّر وتنمية، أيقونة بكل ما هو إيجابي، ومختلف بالأفضل، نمضي وتستمر المسيرة العطرة لوطن بحجم الدنيا ألقا وفرحا وعظمة.
اليوم، نبدأ بأيام جديدة، تُختَم أرقامها بـ 2025، بدلا من 2024، وأنا بطبعي أكثر تفاؤلا بالأرقام الفردية، طبع فردي لا علاقة له بأي دلالات، عام نأمل أن يكون مليئا بالخير والفرح والسلام، نأمل وندعو الله أن يحفظ وطننا وقائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني، والأسرة الهاشمية، نمضي به بمزيد من الولاء والوفاء لجلالة الملك، ليبقى الأردن عظيما كما هو دوما، بقيادة حكيمة، ووطن استثنائي حماه الله وحفظ أمنه واستقراره.
على الصعيد الشخصي، أبدأ عامي الجديد على أمل أن يعم الأمن والسلام وتحديدا في فلسطين، وقطاع غزة، وأدعو الله أن يحمي والدتي ويطيل بعمرها ويمنحها الصحة، ويحفظ شقيقاتي وأولادهن وأزواجهن، وأن تبقى أسرتي الثانية جريدة «الدستور» بكل الألق كما كانت دوما، وكل زميلاتي وزملائي بألف خير وقد تحققت أحلامنا جميعا، التي تلتقي جميعها بالأمنيات أن يحمي الله القائد والوطن، وتنعم غزة بالسلام.
نحتاج جميعا راحة من وجع عام 2024، أدعو الله أن يكون عام 2025 مختلفا بتفاصيله، أن يحمي أسرتي الصغيرة، وأسرتي في جريدة «الدستور» وأن نسمع قريبا وقف إطلاق النار في غزة، وأن توقف إسرائيل حربها على أهلنا في غزة فلم يبق من حياتهم سوى «فتافيت» حياة، موجوعة قلوبنا لن تفرح إلاّ بوقف إطلاق النار على أهلنا في غزة، ففي ذلك سعادة وتغيير جذري لشكل القادم من أيامنا، ففي ذلك يتحقق ما تتوق له نفوسنا وأرواحنا، في ذلك ننعم بشكل واقعي بفرح تشتاق له نفوسنا.
حمى الله جلالة الملك والأسرة الهاشمية، حمى الله وطني، حمى الله والدتي ففي نفسها ووجودها بحياتي ترياق حياتي ونبض وجودي، حمى الله شقيقاتي ففي وجودهن يبقى الأجمل في حياتي ساكنا لا يغادرها، وتبقى الطمأنينة تدور في فلك أيامي وعمري، ويبقى الخير ثريا بتفاصيل أيامي، في وجودهن تبقى حياتي كاملة بحمد الله، بين عام مضى وعام يبدأ اليوم أدعو الله بالخير لحياتي وحياة كل من أحب. ــ الدستور