الأخبار

أ. د. وائل عبد الرحمن التل : لا مُقارَبة ولا مُقارَنة

أ. د. وائل عبد الرحمن التل : لا مُقارَبة ولا مُقارَنة
أخبارنا :  

أظهرت المشاهدُ توالياً في جارتنا الشقيقة سوريا بعد تسارع الأحداث الأخيرة كيف كانت حركة سنوات الحرب فوق الأرض من تدميرٍ هائلٍ للتنمية وللبنية التحتية وللممتلكات العامة والخاصة، كما أظهرت المشاهدُ أن هناك حركة أخرى موازية كانت تدور رحاها في سجونٍ تحت الأرض وطبقاتها أشدّ بطشاً، وفتكاً، وتقييداً لحريات الناس، وسلباً لحقوقهم، تقودُها مخابراتُ الجيش والمخابراتُ العامة ومئات فروعهما في جميع المحافظات السّورية وأريافها، وأنا شخصياً لم أتخيّل وجود مثل هذه السجون في تصميمها وتنظيمها وإجراءاتها وعدد المعتقلين وظروف الاعتقال فيها فتحبّسَت معها أنفاسي، وتحجَّرت بها مفاصلي؛ ففي تلك السجون، الفردية والجماعية، ارْتَسَمت وانْحَفَرت أهوالٌ وويلاتٌ ومآسٍ، حيث كانت ظروف الاعتقال لاإنسانية، قاسية، وأجواؤها مرعبة، يُمارَس فيها مختلف أساليب التخويف والترهيب، وأشكال الإذلال النفسي، وألفاظ الشتم البذيء والتحقير للدين والأعراض والأنساب والمبادئ والقيم والكرامة الإنسانية، وأصناف التعذيب الجسدي، ومعظمها لأسبابِ اعتقالٍ واهية.

إنّ الأردن دولة قانون، يسمو فيها الدستور، وتُفرضُ فيها سيادة القانون، وتخضعُ له الدولةُ وأجهزتُها في جميع جوانب نشاطاتها الدستورية والتشريعية والتنفيذية والقضائية، وتكون عليها رقابةٌ وقائية وقضائية مثل المحكمة الدستورية وديوان المحاسبة وديوان التشريع والرأي والمجلس القضائي الأردني وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، ومنها رقابةٌ على دستورية القوانين، وكفالة احترام أحكام الدستور، وضبط قرارات وإجراءات العمل التشريعي والتنفيذي والقضائي، وضمان الحقوق وصون الحريات ومنع الاستبداد، وترسيخ النزاهة ومحاربة الفساد.

وجهاز المخابرات العامة أحدُ أجهزة الدولة الأردنية التي يسمو فيها الدستور وسيادة القانون، وهو يتمتع بمهنية وكفاءة وانضباط وشفافية مكّنته من التعامل مع المخاطر العديدة والتحديات الاستثنائية التي عصفت وما زالت تعصف بالمنطقة من الإرهاب والحروب وويلاتهما، وإحباط المخططات والعمليات الإرهابية، ومدَّ بالعمل الاستخباري المحترف أجهزتنا العسكرية والأمنية بما يتوافر لديه من معلومات وبيانات، وقيامه بالتطوير المستمر لأدواته وأساليبه منعاً لأي اختراق أمني، كلّ ذلك لدرء خطر التهديدات الخارجية، وتعزيز أمننا الوطني والقومي، وأمن وسلامة المواطنين والمقيمين. كما أن هذ الجهاز أبناء بَلَد، أبناء عشائر وحمايل، أبناء حرائر، أبناء شرف وعزة وكرامة، نَذَر منتسِبوه أنفسهم وحياتهم بكل مهنية وكفاءة وإخلاص وتضحية ونزاهة وعدالة لخدمة الوطن والمواطنين وصون كرامتهم وحفظ حقوقهم؛ فلا وجه لمُقارَبةٍ ولا لمُقارَنةٍ بهم مع نظير.

ختاماً: أسوأ الكذابين مَن يكذبُ في حديثه مع الناس على وطنه لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار والثقة والولاء والانتماء لديهم، ودوماً أذكُرُ قول معالي الأستاذ الدكتور خالد الكركي: «هذا الوطنُ بريءٌ لم يشهَدْ زوراً لكن شهدوا بالزّور عليه»، والسلام.

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك