الأخبار

بشار جرار : ما قبل فتح الستارة

بشار جرار : ما قبل فتح الستارة
أخبارنا :  

حال من يواصل القراءة أو الكتابة في أول أيام عام جديد كسامع ما قبل أن تراه عيناه بعد فتح الستارة. ما كان عبثا تشبيه دنيانا بالمسرح. ولم تأت من فراغ تلك المقاربة بين الأحداث وشخصوصها ومسارحها.

أكرس أولى مقالات 2025 لما قد يكون من تداعيات أحداث العام الماضي وشهرين على اعتبار أن حرب السابع من اكتوبر 2023 ما زالت تؤشر إلى أن ضربة «الطوفان» صابت وخابت في آن واحد، إلى حد استشعار ما قد يتحول إلى تسونامي، إن لم يتمكن الرئيس الأمريكي القديم الجديد دونالد ترامب من تحقيق ما وعد به وهو حرفيا «إنهاء الفوضى» في الشرق الأوسط بعد أقل من شهر على تعهداته الانتخابية بالعمل على «تخفيض التوتر». من الواضح أن مآلات إحدى نقاط «خفض التصعيد» -إدلب- قد فاقت التوقعات كلها، أو أنها كانت في الأصل تعدّ بروية وعمق لما شهدناه من سقوط مريع مريب لحكم بشار ونظام الأسد.

وتيرة ووقع ما شهدته نهايات العام الماضي تفيد بأن ما جرى ما هو إلا تحضير لما هو آت، و»ما خفي أعظم». لا يخفى على متابع ما تكشف حتى الآن من تفاصيل الملف السوري بكل تعقيداته الداخلية والخارجية، أن الأمر قد تم الإعداد له «بهدوء» كما قال الرئيس التركي في رده على مخاوف الأمين العام للأمم المتحدة بعد سقوط حلب.

ما قبل فتح الستارة على أحداث العام الجديد تبقى عشرون يوما قد تكون حبلى بالأحداث. ما لم تكن منها صفقة «تحرير الرهائن» وهي الأولوية بالنسبة لترامب لا «الصفقة التبادلية»، فإن المشهد الافتتاحي لأول عروض 2025 قد يكون عاصفا إلى حد قد يعيد خلط الكثير من الأوراق، وإعادة ضبط العديد من الحسابات التي يبدو أن بعض الأطراف قد تسرع في صرفها يمينا وشمالا لا لشيء إلا لحضور البازار!

كل شيء وارد بما فيه نقض عملية إعادة الترميم لقيادة سورية الجديدة وإعادة تأهيل سورية الدولة والمؤسسات بلا حكم بشار ونظام الأسد. العراق ولبنان وحتى تركيا ليست بعيدة عن حسابات ترامب من حيث ثوابت عديدة أهمها: تنديده بالإرهاب نظما وتنظيمات، معارضته للتشدد والتطرف «الإسلاموي» على وجه الخصوص ودعمه المفتوح لمشروع حرب السابع من اكتوبر على ألا يتسبب باتخاذ قرار إسرائيلي منفرد بخصوص ضرب منشآت إيران النووية ومصير نظام ملالي. في نظر ترامب، قد يكون انسحاب إدارة بايدن الكارثي من أفغانستان وعودة طالبان إلى سالف عهدها رغم تعهداتها للوسطاء بنبذ الإرهاب والتطرف، قد يكون السيناريو الأفغاني بمثابة كوابح المندفعين نحو حكام سورية الجدد، أو تسريع نفض يديه عن سورية بعد ضمان سلامة الكرد من الترك، والأقليات من سطوة أغلبية المغالبة! ثمة استياء أمريكي من الأعمال الانتقامية والتوجهات الدينية المتشددة الإقصائية قد يخرب أو يعطل فرص رفع العقوبات حتى قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض.

لا ننسى أن أكثر المتشككين من صلاحية وسلامة نوايا من أسقطوا النظام البائد -المستبد الفاسد- هي إسرائيل التي بدت هوتها مع تركيا أكثر اتساعا في الوقت الذي وعد فيه بايدن يوم وقف إطلاق النار المشروط والمحدود في لبنان بدور تركي قطري مصري في تسريع وقف إطلاق نار في غزة على ألا تكون حماس في اليوم التالي على رأس السلطة ولا حتى كتنظيم مسلح.

ما قبل فتح الستارة لم يكن مجرد جَلَبَة، الأمر فيه شيء من «المونولوج». وحده صانع الأحداث وصاحب المسرح القادر على تقديم سرديته إلى للحضور لا كما يطلبه الجمهور! يتم العرض عبر «المشخصاتية» -الممثلين- الذين يتم اختيارهم بعناية بمن فيهم الكومبارس! وكما يقال في عالم المسرح والسياسة، مازال العرض مستمرا.. ــ الدستور

مواضيع قد تهمك