الأخبار

محمد ابو رمان : الدبلوماسية الأردنية على موعد صعب مع العام 2025

محمد ابو رمان : الدبلوماسية الأردنية على موعد صعب مع العام 2025
أخبارنا :  

ثلاثة ملفات رئيسية كبيرة تنتظر الدبلوماسية الأردنية في العام الجديد 2025، يقف في مقدمتها التعامل مع فريق ترامب اليميني المحافظ المنحاز بالكلية للجانب الإسرائيلي وأسئلة المنطقة في المرحلة القادمة أو ما يسمى بـ»السلام الإقليمي، وهو ما يقودنا إلى التحدي الثاني المتمثّل بملف الضفة الغربية والاستيطان والضم والتطورات المتوقعة لتحقيق حلم اليمين الإسرائيلي، أمّا التحدي الثالث القديم- الجديد فهو الوضع في سورية، ومن ضمن ذلك العديد من الملفات الاستراتيجية والأمنية الوطنية.

الملف الأول هو موعد مع ترامب وفريقه، وبالرغم من التطمينات التي يتلقاها المسؤولون الأردنيون من الفريق الجديد، إلاّ أنّ هوية هذا الفريق وأجندته وسياسات ترامب ليست بحاجة إلى تعريف وليست لغزاً أو مسألة غير متوقعة، كما يميل العديد من المسؤولين، بل نحن أمام أجندة قد تكون واضحة بدرجة كبيرة، وتتمثّل الحقيقة بلا تجميل أو محاولة وضع مساحيق تجميل عليها، بالعمل على إنهاء القضية الفلسطينية بصورة كاملة. وسيذهب ترامب سواء في عامه الأول أو الثاني إلى التسريع بإقامة نظام إقليمي يستدخل إسرائيل ويحجّم القضية الفلسطينية ويركّز على المشروعات الاقتصادية الإقليمية، وهو ما يضع الأردن على مفترق طرق رئيس؛ إما الانخراط في المشروع الإقليمي أو التهميش، على ما يترتب عليه من نتائج وخيمة اقتصادياً وسياسياً.

في جلسة نقاشية مغلقة (في معهد السياسة والمجتمع) قبل شهور مع سياسي أميركي بارز عمل في إدارة ترامب السابقة، لم يُخف الضيف أنّ ترامب يقلل من شأن الدور الإقليمي الأردني لصالح دول إقليمية أخرى، وهو ما يجعل استحقاق العمل بصورة استراتيجية ومكثّفة مع كل من السعودية، التي تمثّل القوة الإقليمية الصاعدة الجديدة عربياً، ومع مصر بمثابة مصلحة حيوية واستراتيجية أردنية، مع العمل على تقريب الفجوات في الموقف العربي هنا.

ذلك يقودنا إلى الملف الثاني هو ملف الضفة الغربية الساخن، ومن الواضح – كذلك- أنّ هنالك مشروعاً يمينياً إسرائيلياً حاسماً بضم أغلب مناطق الضفة الغربية، وإبقاء التجمعات السكانية الرئيسية المحاصرة، وهو أمر خطير بخاصة (كما يشير باحثون أصدقاء فلسطينيون) أنّ الترانسفير الاقتصادي ضمن انغلاق الأفق السياسي والتضييق اليومي مسألة مطروحة بقوة، فضلاً عن ملف القدس الذي يشكّل تحدياً مباشراً للوصاية الهاشمية ونقطة ساخنة من الصراع مع المشروع الإسرائيلي.

حتى لو انتهى رئيس الوزراء الإسرائيلي سياسياً (مع شكوك كبيرة اليوم بذلك) فلا يوجد هنالك يسار إسرائيلي أو طرف يمكن الحوار معه، المشهد الإسرائيلي اليوم وغداً يمين في يمين، سواء كان دينياً أو علمانياً، لكن لا حل لمشكلة إسرائيل سوى بالأرض بدون سكان، ولا ننسى وعد ترامب لهم بتوسيع رقعة إسرائيل، وهو أمر يلقي أسئلة استراتيجية وأمنية كبيرة على مطبخ القرار في عمان.

أمّا الملف الثالث فيتمثل في الوضع في سورية، وبالرغم من وجود فرصة استراتيجية كبيرة بإنهاء حرب الشمال مع شبكات الكبتاغون والميليشيات الطائفية، وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين الأشقاء السوريين، وبتطوير مصالح اقتصادية مهمة مع الجانب السوري، لكن مع ذلك فإنّ الوضع الانتقالي في سورية وتعدد أجندات الفاعلين المحليين والإقليميين ما يزال هشّاً، ويطرح تحديات كبيرة وحقيقية، وهو ما يتطلب «جدول أعمال» أردني» مكثّف ونشيط وتحول من دور المتحفّظ إلى دور المبادرة والتدخل الإيجابي النشيط.

منذ بروز حالة الانهيار الإقليمي- الأمني الاستراتيجي العربي، والدبلوماسية الأردنية تبتعد عن منطق «العزف المنفرد»، وكان ذلك ملاحظاً في حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة وفي الموقف من التطورات الإقليمية، واليوم الأردن مطالب بالعمل في الغرف المغلقة بتطوير أجندة عربية توافقية، وهي مسألة معقدة وصعبة، للمساعدة في مواجهة التحديات الدولية والإقليمية الكبرى التي تمرّ بها المنطقة.

للحديث بقية طويلة في قادم الأيام..

ــ الدستور

مواضيع قد تهمك